ولما أخبر عن أحوال الكفرة في الدنيا والآخرة واعظا بها وإعلاما بعظمته وعلي صفاته وسعة مملكته وشامل علمه وقدرته، ختم بأحوال القسم الآخر من أهل الساعة وهم أهل طاعته تتميما لذلك وإشارة وبشارة للسالك في أحسن المسالك، فقال مؤكدا ردا على المنكر:
إن المتقين أي العريقين في وصف الخوف من الله تعالى الذي أداهم إلى أن لا يفعلوا شيئا إلا بدليل. ولما كان من البساتين والمياه وما هو ظاهر بكل مراد على عكس ما عليه الضال البعيد عن القصد
[ ص: 136 ] الواقع في الهلاك والنار [قال]:
في جنات أي في بساتين ذات أشجار تسر داخلها، قال
القشيري: والجمع إذا قوبل بالجمع فالآحاد تقابل الآحاد. ولما كانت الجنان لا تقوم وتدوم إلا بالماء قال:
ونهر وأفرده لأن التعبير بـ "في" مفهم لعمومهم به عموم ما كأنه ظرف وهم مظروفون له، ولكثرة الأنهار وعظمها حتى أنها لقرب بعضها من بعض واتصال منابعها وتهيؤ جميع الأرض لجري الأنهار منها كأنها شيء واحد، وما وعد به المتقون من النعيم في تلك الدار فرقائقه معجلة لهم في هذه الدار، فلهم اليوم جنات العلوم وأنهار المعارف، وفي الآخرة الأنهار الجارية والرياض والأشجار والقصور والزخارف، وهو يصلح مع ذلك لأن يكون مما منه النهار فيكون المعنى: أنهم في ضياء وسعة لا يزايلونه أصلا بضد ما عليه المجرم من العمى الناشئ عن الظلام، [و]لمثل هذه الأغراض أفرد مع إرادة الجنس لا للفاصلة فقط.