ولما ذكر أموال اليتامى؛ على حسب ما دعت إليه الحاجة؛ واقتضاه التناسب؛ إلى أن ختم بهذه الآية؛ كان كأن سائلا سأل: من أين تكون أموالهم؟ فبين ذلك بطريق الإجمال؛ بقوله (تعالى):
للرجال ؛ أي: الذكور من أولاد الميت؛ وأقربائه؛ ولعله عبر بذلك دون الذكور؛ لأنهم كانوا لا يورثون الصغار؛ ويخصون الإرث بما عمر الديار؛ فنبه
[ ص: 200 ] - سبحانه - على أن العلة النطفة؛
نصيب ؛ أي: منهم؛ معلوم؛
مما ترك الوالدان والأقربون ؛ ولما كانوا لا يورثون النساء؛ قال:
وللنساء نصيب ؛ ولقصد التصريح؛ للتأكيد؛ قال - موضع "مما تركوا" -:
مما ترك الوالدان والأقربون ؛ مشيرا إلى أنه لا فارق بينهن؛ وبين الرجال؛ في القرب الذي هو سبب الإرث؛ ثم زاد الأمر تأكيدا؛ وتصريحا؛ بقوله - إبدالا مما قبله؛ بتكرير العامل -:
مما قل منه أو كثر ؛ ثم عرف بأن ذلك على وجه الحتم الذي لا بد منه؛ فقال - مبينا للاعتناء به بقطعه عن الأول؛ بالنصب على الاختصاص؛ بتقدير: "أعني" -:
نصيبا مفروضا ؛ أي: مقدرا؛ واجبا؛ مبينا؛ وهذه الآية مجملة؛ بينتها آية المواريث؛ وبالآية علم أنها خاصة بالعصبات؛ من التعبير بالفرض؛ لأن الإجماع - كما نقله
الأصبهاني عن
الرازي - على أنه
ليس لذوي الأرحام نصيب مقدر.