ولما تم التقرير بالنعم المحيطة بالجهات الست والحواس الخمس على الوجه الأكمل من درء المفاسد وجلب المصالح كما تقدمت الإشارة إليه بمدكر،
[ ص: 192 ] بقوله: " فهل من مدكر " في القمر، بالحسن فيها إلى الحواس الخمس وبتكرارها، وتكرار " فكيف كان عذابي ونذر " ستا إلى الجهات الست من جهة الوراء والخلف، أوترها بنعمة أخرى واحدة إشارة إلى أن السبب في هذا اعتقاد وحدانية الواحد تعالى اعتقادا أدى الخضوع لأمر مرسل كلما جاء من عنده تعالى فلذلك كانت نعمة لا تنقطع أصلا، بل كلما تم دور منها ابتدأ دور آخر جديد، وهكذا على وجه لا انقطاع له أبدا كما أن الواحد الذي هو أصل العدد لا انتهاء له أصلا، وهذه النعمة الدالة على الراحة الدائمة التي هي المقصودة بالذات على وجه لا يرى أغرب منه ولا أشرف، فقال تعالى مبينا حال المحسنين ومن دونهم مشركا لهم في الراحة على ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر:
متكئين أي لهم ذلك في حال الاتكاء ديدنا لأنهم لا شغل لهم بوجه إلا التمتع
على رفرف أي ثياب ناعمة وفرش رقيقة النسج من الديباج لينة ووسائد عظيمة [و]رياض باهرة وبسط لها أطراف فاضلة، ورفرف السحاب هدبه أي ذيله المتدلي.
ولما كان الأخضر أحسن الألوان وأبهجها قال:
خضر وعبقري أي: متاع كامل من البسط وغيرها هو في كماله وغرابته كأنه من عمل الجن لنسبته إلى بلدهم، قال في القاموس: عبقر موضع كثير الجن، وقرية بناؤها في غاية الحسن، والعبقري الكامل من كل شيء، والسيد والذي [ليس] فوقه شيء، وقال
الرازي : هو الطنافس المخملة،
[ ص: 193 ] قال ابن جرير: الطنافس الثخان، وقال
القشيري: العبقري عند العرب كل ثوب موشى، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14248الخليل: كل جليل نفيس فاخر من الرجال وغيرهم، ومنه قول النبي صلى الله عليه وسلم في
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر رضي الله عنه:
nindex.php?page=hadith&LINKID=656921 "فلم أر عبقريا من الناس يفري فريه" وقال
قطرب: ليس هو من المنسوب بل هو بمنزلة كرسي وبختي.
ولما كان المراد به الجنس، دل على كثرته بالجمع مع التعبير بالمفرد إشارة إلى وحدة تكامله بالحسن فقال:
حسان أي هي في غاية من كمال الصنعة وحسن المنظر لا توصف