ولما دل ما ذكر في هذه السورة من النعم على إحاطة مبدعها بأوصاف الكمال، ودل بالإشارة بالنعمة الأخيرة على أن نعمه لا نهاية لها لأنه مع أن له الكمال كله متعال عن شائبة نقص، فكانت ترجمة ذلك قوله في ختام نعم الآخرة مناظرة لما تقدم من ختام نعم الدنيا معبرا هناك بالبقاء لما ذكر قبله، من الفناء، وهذا [بما] من البركة إشارة
[ ص: 194 ] إلى [أن نعمه لا انقضاء [لها]:
تبارك قال
nindex.php?page=showalam&ids=12982ابن برجان : تفاعل من البركة، ولا يكاد يذكره جل ذكره إلا عند أمر معجب - انتهى، ومعناه ثبت ثباتا لا يسع العقول جمع وصفه لكونه على صيغة المفاعلة المفيدة لبذل الجهد إذا كانت ممن تمكن منازعته، وذلك مع اليمن والبركة والإحسان. ولما كان تعظيم الاسم أقعد وأبلغ في تعظيم المسمى قال:
اسم ربك أي: المحسن إليك بإنزال هذا القرآن الذي جبلك على متابعته فصرت مظهرا له وصار خلقا لك فصار إحسانه إليك فوق الوصف، ولذلك قال واصفا للرب في قراءة الجمهور:
ذي الجلال أي العظمة الباهرة فهو المنتقم من الأعداء
والإكرام أي الإحسان الذي لا يمكن الإحاطة به فهو المتصف بالجمال الأقدس المقتضي لفيض الرحمة على جميع الأولياء، وقراءة
nindex.php?page=showalam&ids=16447ابن عامر " ذو " صفة للاسم، وكذا هو في مصاحف أهل
الشام، والوصفان الأخيران من شبه الاحتباك لأنه حذف من الأول متعلق الصفة وهو النقمة للأعداء، ومن الثاني أثر الإكرام وهو الرحمة للأولياء، فإثبات الصفة أولا يدل على حذف ضدها ثانيا، وإثبات الفعل ثانيا يدل على حذف ضده أولا، وقال
الرازي في اللوامع: كأنه يريد بالاسم الذي افتتح به السورة وقد انعطف آخر السورة على أولها على وجه أعم، فيشمل الإكرام بتعليم القرآن وغيره والانتقام بإدخال النيران وغيرها - والله سبحانه وتعالى هو الموفق للصواب.