ولما قسمهم إلى ثلاثة أقسام وفرع تقسيمهم، ذكر أحوالهم وابتدأ ذلك بالإعلام بأنه ليس الخبر كالخبر كما أنه ليس العين كالأثر فقال:
فأصحاب الميمنة أي جهة اليمين وموضعها وأعمالها، ثم فخم أمرهم بالتعجيب من حالهم بقوله منبها على أنهم [أهل] لأن يسأل عنهم فيما يفهمه اليمين من الخير والبركة فكيف إذا عبر عنها بصيغة مبالغة فقال:
ما وهو مبتدأ ثان
أصحاب الميمنة أي جهة اليمين وموضعها وأعمالها، والجملة خبر عن الأولى، والرابط تكرار المبتدأ بلفظه، قال
أبو حيان رحمه الله تعالى: وأكثر ما يكون ذلك في موضع التهويل والتعظيم.
وقال الإمام
أبو جعفر بن الزبير : لما تقدم الإعذار في السورتين المتقدمتين والتقرير على عظيم البراهين، وأعلم في آخر سورة القمر أن كل واقع في العالم فبقضائه سبحانه وقدره
إنا كل شيء خلقناه بقدر [ ص: 199 ] وكل شيء فعلوه في الزبر وأعلمهم سبحانه في الواقعة بانقسامهم الأخروي فافتتح ذكر الساعة
إذا وقعت الواقعة إلى قوله:
وكنتم أزواجا ثلاثة فتجردت هذه السورة للتعريف بأحوالهم الأخروية، وصدرت بذلك كما جرد في هذه السورة قبل التعريف بحالهم في هذه الدار، وما انجر في السور الثلاث جاريا على غير هذا الأسلوب فبحكم استدعاء الترغيب والترهيب لطفا بالعباد ورحمة ومطالعها مبنية على ما ذكرته تصريحا لا تلويحا، وعلى الاستيفاء لا بالإشارة والإيماء، ولهذا قال تعالى في آخر القصص الأخراوية في هذه السورة:
هذا نـزلهم يوم الدين فأخبر أن هذا حالهم يوم الجزاء وقد قدم حالهم الدنياوي في السورتين قبل وتأكيد التعريف المتقدم فيما بعد، وذلك قوله:
فأما إن كان من المقربين إلى خاتمتها - انتهى.