ولما كان الجواب: أنت وحدك فعلت ذلك على غناك عن الخلق بما لك من الرحمة وكمال الذات والصفات، قال مذكرا بنعمة أخرى:
لو نشاء أي: حال إنزاله وبعده قبل أن ينتفع به. ولما كانت صيرورة الماء [ملحا] أكثر من صيرورة النبت حطاما، لم يؤكد لذلك وللتنبيه على أن السامعين لما مضى التوقيف على تمام القدرة صاروا في حيز المعترفين فقال تعالى:
جعلناه أي بما تقتضيه صفات العظمة
أجاجا أي: ملحا مرا محرقا كأنه في الأحشاء لهيب النار المؤجج فلا يبرد عطشا ولا ينبت نبتا ينتفع به. ولما كان هذا مما لا يساغ لإنكاره،
[ ص: 228 ] سبب عنه على سبيل الإنكار والتحضيض قوله:
فلولا تشكرون أي فهلا ولم لا تجددون الشكر على سبيل الاستمرار باستعمال ما أفادكم ذلك من القوى في طاعة الذي أوجده لكم ومكنكم منه وجعله ملائما لطباعكم مشتهى لنفوسكم نافعا لكم في كل ما ترونه.