ولما وصفه بالربوبية، دل عليها بقوله:
هو أي وحده [لا غيره]
الذي ينـزل أي على سبيل التدريج والموالاة بحسب الحاجة. ولما كان الخطاب في هذه السورة للمخلص، قال مضيفا إلى ضميره غير مقرون بما يدل على الجلال والكبرياء
على عبده أي الذي هو أحق الناس بحضرة جماله وإكرامه لأنه ما تعبد لغيره قط
آيات أي علامات هي من ظهورها حقيقة بأن يرجع إليها ويتقيد [بها]
بينت جدا على ما له من النعوت التي هي في غاية الوضوح
ليخرجكم أي الله أي عبده بما أنزل إليه مع أنه بشر مثلكم، والجنس إلى جنسه أميل ومنه أقبل، ولا سيما إن كان قريبا ولبيبا أريبا
من الظلمات التي أنتم منغمسون فيها من الحظوظ والنقائص التي جبل عليها الإنسان والغفلة والنسيان، الحاملة على تراكم الجهل، فمن آتاه سبحانه العلم والإيمان فقد أخرجه من هذه الظلمات التي طرأت عليه
إلى النور الذي كان وصفا لروحه وفطرته الأولى السليمة.
[ ص: 266 ] ولما كان التقدير: فإن الله به للطيف خبير، عطف عليه قوله مؤكدا لأجل زلزال من يطول به البلاء من المؤمنين وإنكار الكفار:
وإن الله أي الذي له صفات الكمال
بكم قدم الجار لأن عظيم رحمته لهذه الأمة موجب لعد نعمته على غيرنا عدما بالنسبة إلى نعمته علينا
لرءوف رحيم أي كنتم بالنظر إلى رحمته الخاصة التي هي لإتمام النعمة صنفين: منكم من كان له به وصلة بما يفعل في أيام جاهليته من الخيرات كالإنفاق في سبيل المعروف، وعبر بالإنفاق لكونه [خيرا[ لا رياء ونحوه [فيه] كالصديق رضي الله عنه فعاد عليه، بعد عموم رحمته بالبيان، بخصوص رحمة عظيمة أوصلته إلى أعظم درجات العرفان، ومنكم من كان بالغا في اتباع الهوى فابتدأه بعد عموم رحمة البيان بخصوص رحمة هداه بها إلى أعمال الجنان، وهي دون ما قبلها في الميزان. وفوقها من حيث إنها بدون سبب من المرحوم.