ولما بين ما أوصلهم إليه نسيان الذكر من الخسار، بين أنه أوقعهم في العداوة، فقال معللا الخسار والنسيان والتحزب، وأكد تكذيبا لحالفهم على نفي ذلك مظهرا موضع الإضمار للتنبيه على الوصف الموقع في الهلاك:
إن الذين يحادون ولعل الإدغام لسترهم ذلك الإيمان، ويفهم منه الحكم [على] من جاهر بطريق الأولى
الله أي يفعلون مع الملك الأعظم الذي لا كفؤ له فعل من ينازع آخر في أرض فيغلب على طائفة منها فيجعل لها حدا لا يتعداه خصمه
ورسوله الذي عظمته من عظمته.
ولما كانوا لا يفعلون ذلك إلا لكثرة أعوانهم وأتباعهم، فيظن من رآهم أنهم الأعزاء الذين لا أحد أعز منهم، قال تعالى نفيا لهذا الغرور الظاهر:
أولئك أي الأباعد الأسافل
في الأذلين [أي]
[ ص: 395 ] الذين يعرفون أنهم أذل الخلق بحيث يوصف كل منهم بأنه الأذل مطلقا من غير مفضل عليه ليعم كل من يمكن منه ذل، وذلك في الدنيا والآخرة سواء كانوا فارس والروم أو أعظم منهم سواء كانوا ملوكا كفرة كانوا أو فسقة، كما قال الحسن: إن للمعصية في قلوبهم لذلا، وإن طقطقت بهم اللجم.