وعطف على ذلك ما هو من جملة العلة؛ فقال:
ولكل ؛ أي: من القبيلتين؛ صغارا كانوا أو كبارا؛
جعلنا ؛ بعظمتنا التي لا تضاهى؛
موالي ؛ أي: حكمنا بأنهم هم الأولياء؛ أي: الأنصار؛ والأقرباء؛ لأجل الإرث؛ هم الذين يلون المال؛ ويرثونه؛ سواء كانوا عصبة خاصة؛ وهم الوراث؛ أو عصبة عامة؛ وهم المسلمون.
ولما كان الاهتمام بتوريث الصغار أكثر قال:
مما ؛ أي: من أجل ما؛
ترك ؛ أي: خلفه؛
الوالدان ؛ أي: لكم؛ ثم أتبع ذلك ما يشمل حقي الأصل والفرع؛ فقال:
والأقربون ؛ أي: إليكم؛ ثم عطف على ذلك قوله:
والذين ؛ أي: وما ترك الذين؛
عقدت أيمانكم ؛ أي: مما تركه من تدلون إليه بنسب؛ أو سبب؛ بالحلف؛ أو الولاء؛ أو الصهر؛ وذكر اليمين لأن العهد يكون مع
[ ص: 268 ] المصافحة بها؛ ثم سبب عن ذلك قوله:
فآتوهم ؛ أي: الموالي؛ وإن كانوا صغارا؛ أو إناثا؛ على ما بينت لكم في آية المواريث السابقة؛ واتركوا كل ما خالف ذلك؛ فقد نسخ بها؛
نصيبهم ؛ أي: الذي فرضناه لهم من الإرث؛ موفرا؛ غير منقوص؛ ولا تظنوا أن غيرهم أولى منهم؛ أو مساو لهم؛ ثم رهب من المخالفة؛ وأكد الأمر؛ وعدا ووعيدا؛ بقوله:
إن الله ؛ أي: المحيط بصفات الكمال؛
كان على كل شيء شهيدا ؛ أي: فهو يعلم الولي من غيره؛ والخائن من غيره؛ وإن اجتهد في الإخفاء؛ لأنه لا يخفى عليه شيء؛ لأنه لا يغيب عن شيء؛ ولا يغيب عنه شيء؛ فالمعنى: "إنا لم نفعل سوى ما قصدتم من إعطاء المال لمن يحمي الذمار؛ ويذب عن الحوزة؛ وأنتم كنتم غير منزليه حق منازله؛ لغيبتكم عن حقائق الأمور؛ وغيبتها عنكم؛ فإنا لم نخرج شيئا منه لغير الموالي - ؛ أي:
الأنصار - إما بالقرابة؛ أو بالمعاقدة بالولاء؛ أو المصاهرة؛ فالحاصل أنه لمن يحمي بالفعل؛ أو بالقوة القريبة منه؛ أو البعيدة الآثلة إلى القرب؛ وأما التفضيل في الأنصباء فأمر استأثرنا بعلم مستحقيه؛ وفي
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري؛ في التفسير؛ عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس "موالي": ورثة؛ "والذين عاقدت أيمانكم":
[ ص: 269 ] كان
المهاجرون لما قدموا
المدينة يرث المهاجري الأنصاري؛ دون ذوي رحمه؛ للأخوة التي آخى النبي - صلى الله عليه وسلم - بينهم؛ فلما نزلت:
ولكل جعلنا موالي ؛ نسخت"؛ ثم قال: "والذين عاقدت أيمانكم"؛ من النصر؛ والرفادة؛ والنصيحة؛ وقد ذهب الميراث؛ ويوصي له".