ولما قرر وجوب الإيمان به وبرسله وكتبه وبالقدر خيره وشره، وقسم الناس إلى مؤمن وكافر، وأخبر أن الكافر تكبر عن الرسل، عين الموجب الأعظم لكفرهم بقوله دالا على وجوب الإيمان بالعبث وترك القياس والرأي فإن عقل الإنسان لا يستقل ببعض أمور الإلهية، معبرا بما أكثر إطلاقه على ما يشك فيه ويطلق على الباطل إشارة إلى أنهم شاكون وإن كانوا جازمين، لكونهم لا دليل لهم، وإلى أنهم في نفس الأمر مبطلون:
زعم قال
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر رضي الله عنهما: هي كنية الكذب، وفي حديث
أبي مسعود رضي الله عنه عند
nindex.php?page=showalam&ids=11998أبي داود: nindex.php?page=hadith&LINKID=84501 "بئس مطية الرجل زعموا" الذين كفروا أي أوقعوا الستر لما دلت عليه العقول من وحدانية الله تعالى ولو على أدنى الوجوه.
ولما كان الزعم ادعاء العلم وكان مما يتعدى إلى مفعولين، أقام سبحانه مقامهما قوله:
أن لن يبعثوا [أي من باعث ما بوجه من الوجوه. ولما كان قد أشار سبحانه بنوعي المؤمن والكافر إلى الدليل القطعي الضروري على وجود المبطل اللازم منه ودعه اللازم منه وجب البعث، اكتفى في الأمر بإجابتهم بقوله]:
قل أي لهم:
بلى أي لتبعثن، ثم أكده بصريح القسم فقال:
وربي أي المحسن إلي
[ ص: 116 ] بالانتقام ممن كذب بي، وبإحقاق كل حق أميت، وإبطال كل باطل أقيم
لتبعثن مشيرا ببنائه للمفعول إلى أنه ويكون على وجه القهر لهم بأهون شيء وأيسر أمر وكذلك قوله:
ثم لتنبؤن أي لتخبرن حتما إخبارا عظيما ممن يقيمه الله لإخباركم
بما عملتم للدينونة عليه. وشرح بعض ما أفاده بناء الفعلين للمجهول بقوله:
وذلك أي الأمر العظيم عندكم من البعث والحساب
على الله أي المحيط بصفات الكمال وحده
يسير لقبول المادة وحصول القدرة، وكون قدرته سبحانه كذلك شأنها، نسبة الأشياء الممكنة كلها جليلها وحقيرها إليها على حد سواء.