أعد الله أي الملك الأعظم
لهم بعد الموت وبعد البعث
عذابا شديدا
ولما تمت الأحكام ودلائلها، وأحكمت الآيات وفواصلها، والتهديدات وغوائلها، كانت فذلكتها وثمرة سياقها وموعظتها ما تسبب عن ذلك من قوله تعالى تنبيها على ما يحيي الحياة الطيبة وينجي في الدارين:
فاتقوا الله أي الذي له الأمر كله بامتثال أوامره واجتناب نواهيه.
ولما كان في تخليص المواعظ من الأحكام واستثمارها من فواصل هذا الكلام أمر عظيم هو من الرقة بمكان لا يبصره إلا ذوو الأفهام قال تعالى:
يا أولي الألباب أي العقول الصافية النافذة من الظواهر إلى البواطن
الذين آمنوا أي خلصوا من دائرة الشرك وأوجدوا
[ ص: 168 ] الإيمان حقيقة، ثم علل هذا الأمر بما أزال العذر فقال تنبيها على ما من علينا به من المراسلة فإن مراسلات فإن مراسلات الأكابر فخر فكيف بمراسلات الملوك فكيف بمراسلة ملك الملوك حثا بذلك على شكره:
قد أنـزل الله أي الذي له صفات الكمال
إليكم خاصة
ذكرا أي كاملا مذكورا فيه غاية الشرف لكل من يقبله بل تشرفت الأرض كلها بنزوله ورفع عنها العذاب وعمها النور والصواب لأن فيه تبيان كل شيء، فمن استضاء بنوره اهتدى، ومن لجأ إلى برد أفنائه وصل من داء الجهل إلى شفائه.