ولما كان ربما ظن ظان أن المانع [ لهم -] الكبر كما في هذه الدنيا، قال مبينا لنفي الكبر في
[ ص: 325 ] مثل هذا اليوم العظيم
خاشعة أي مخبتة متواضعة
أبصارهم لأن ما في القلب يعرف في العين، وذلك أن المؤمنين يرفعون رؤوسهم ووجوههم أضوأ من الشمس، ووجوه الكافرين والمنافقين سود مظلمة.
ولما كان الخاشع لذلك قد يكون خشوعه لخير عنده حمله على ذلك مع العز قال:
ترهقهم أي تغشاهم وتقهرهم
ذلة أي عظيمة لأنهم استعملوا الأعضاء التي أعطاهموها سبحانه وتعالى ليتقربوا بها إليه في دار العمل في التمتع بما يبعد منه.
ولما دلت هذه العبارة مطابقة لما ورد في الحديث الصحيح على أن من كان في قلبه مرض في الدنيا يصير ظهره طبقا واحدا فقارة واحدة فيعالج السجود فيصير كلما أراده انقلب لقفاه، عجب منهم في ملازمة الظلم الذي هو إيقاع الشيء في غير موقعه فقال:
وقد أي والحال أنهم
كانوا أي دائما بالخطاب الثابت
يدعون في الدنيا من كل داع يدعو إلينا
إلى السجود وهم أي فيأبونه والحال أنهم
سالمون أي [ فهم -] مستطيعون، ليس في أعضائهم ما يمنع من ذلك، وإنما يمنعهم منه الشماخة والكبر، فالآية من [ الاحتباك-] : ذكر عدم الاستطاعة أولا دال على حذف الاستطاعة ثانيا، وذكر السلامة ثانيا دال على حذف عدم السلامة أولا.