ولما عجب من كذبهم دل عليه بقوله:
ألم تر وكان الأصل: إليهم؛ ولكنه قال - لزيادة التقريع؛ والتوبيخ؛ والإعلام بأن كفرهم عناد؛ لكونه عن علم -:
إلى الذين ؛ وعبر بـ "إلى"؛ دلالة على بعدهم عن الحضرات الشريفة؛
أوتوا نصيبا من الكتاب ؛ أي: الذي هو الكتاب في الحقيقة؛ لكونه من الله؛
يؤمنون بالجبت ؛ وهو الصنم؛ والكاهن؛ والساحر؛ والذي لا خير فيه؛ وكل ما عبد من دون الله؛
والطاغوت ؛ وهو اللات؛ والعزى؛ والكاهن؛ والشيطان؛ وكل رأس ضلال؛ والأصنام؛ وكل ما عبد من دون الله; وكل هذه المعاني تصح إرادتها هنا؛ وهي مما نهي عنه في كتابهم - وأصله ومداره مجاوزة الحد عدوانا؛ وهو واحد؛ وقد يكون جمعا؛ قال - سبحانه وتعالى -:
أولياؤهم الطاغوت يخرجونهم -؛ والحال أن أقل نصيب من الكتاب كاف في النهي عن ذلك؛ وتكفير فاعله.
[ ص: 301 ] ولما دل على ضلالهم؛ دل على إضلالهم؛ بقوله - معبرا بصيغة المضارع؛ دلالة على عدم توبتهم -:
ويقولون للذين كفروا ؛ ودل بالتعبير بالإشارة؛ دون الخطاب؛ على أنهم يقولون ذلك فيهم؛ حتى في غيبتهم؛ حيث لا حامل لهم على القول إلا محض الكفر؛ فقال:
هؤلاء ؛ أي: الكفرة العابدون للأصنام؛
أهدى ؛ أي: أقوم في الهداية؛
من الذين آمنوا ؛ أي: أوقعوا هذه الحقيقة؛ فيفهم ذمهم بالتفضيل على الذين يؤمنون؛ ومن فوقهم من باب الأولى؛
سبيلا ؛ مع أن في كتابهم - من إبطال الشرك؛ وهدمه؛ وعيب مدانيه؛ وذمه؛ في غير موضع - تأكيدا أكيدا؛ وأمرا عظيما شديدا.