ولما كان التقدير: فهو يسارع في آثار ما جبل عليه ما يترتب على الجزع مما لا يجوز في الشرع ومما يترتب على المنع من ذلك أيضا فيكون من أهل النار، وكان من القدرة البالغة أن يحفظ سبحانه من أراد من الخزي مع جبلته ويحمله على كسر نفسه مرة بعد أخرى حتى يتلاشى ما عنده من جبلة الشر وتبقى الروح على حالها عند الفطرة الأولى، فلا تزال تحثه على المبادرة إلى طاعته سبحانه وتعالى وحفظ حدوده، فكان لا كرامة أعظم من حفظ المكلف لحدود الشرع مع المنافاة لطبعه، فيكون جامعا للإيمان بنصفيه: الصبر والشكر، لما جمع من هذه الأوصاف الثمان المعادة لأبواب الجنة الثمان، فكان أسبابا لها، استثنى [ من -] هذا النوع الهلوع ولذلك جمع فقال:
[ ص: 402 ] إلا المصلين أي المحافظين على الصلاة التي هي مواطن الافتقار، العريقين في هذا الوصف، فإنه لا يشتد هلعهم فلا يشتد جزعهم ولا منعهم، فيكونوا في أحسن تقويم معتدلين مسارعين فيما يرضي الرب، لأنه سبحانه قرن بما جبلهم عليه من الهلع من طهارة الجسد لطهارة طينته وزكاء روحه ما هيأه لتهذيب نفسه مما يسره له من أصدقاء الخير وأولياء المعروف وسماع المواعظ الحسان والإبعاد عن معادن الدنس من البقاع والأقران والكلام والأفعال وغير ذلك من سائر الأحوال، والملابسة بكل ما يحمل على المعالي من صالح الخلال حتى كانوا من أهل الكمال، ولذلك وصفهم بما يبين عراقتهم في الوصف لها فقال: