ولما كانت أضداد هذه المذكورات نقائص مهلكات، وكانت الأنفس - لما لها من النقص - نزاعة إلى النقائص ميالة إلى الدسائس، ذكر سبحانه بالدواء المبرئ من كل داء، فقال مشيرا إلى حفظ أحوال الصلاة وأوصافها بعد [ ذكر -] الحفظ لذواتها وأعيانها تنبيها على شدة الاهتمام بها:
والذين هم ولما وسط الضمير إشارة إلى الإقبال بجميع القلب قدم الصلة كما فعل بما قيل تأكيدا وإبلاغا في المراد إلى أقصى ما يمكن كما لا يخفى على ذي ذوق فقال:
على صلاتهم من الفرض والنقل
يحافظون أي يبالغون في حفظها ويجددونه حتى كأنهم يبادرونها الحفظ ويسابقونها فيه فيحفظونها لتحفظهم أو يسابقون غيرهم في حفظها لأوقاتها وشروطها وأركانها ومتمماتها في ظواهرها وبواطنها من الخضوع والمراقبة، وغير ذلك من خلال الإحسان التي إذا فعلوها كانت ولا بد ناهية لفاعلها "أن الصلاة" الكاملة "تنهى عن الفحشاء والمنكر" فتحمل على جميع هذه الأوامر وتبعد عن [ أضدادها-] ، ولكون السياق هذا للتخلي عن الأوصاف الجارة إلى الكفر وحد الصلاة إشارة
[ ص: 410 ] إلى أنه يكفي في ذلك الفرائض وإن كان الجاس يشمل، وفي المؤمنون السياق لأهل الرسوخ في المحاسن، فلذلك جمع بين النوعين: الإفراد في الأول لينصب بادئ بدئ إلى الفرائض، والجمع في بعض القراءات ليفهم مع ذلك النوافل بأنواعها، وفي فتح الأوصاف بالصلاة وختمها بها من بيان جلالتها وعظمتها أمر باهر.