ولما كان هذا الإسراع على هذا الوجه لا ينبغي أن يكون [ إلا -] فيما يتحقق أنه مسعد، ومع تحقق أنه مسعد لا ينبغي أن يكون إلا فيما تحصل به السعادة الأبدية; قال منبها على ذلك منكرا أن يكون لهم ما كان ينبغي ألا يكون فعلهم ذلك إلا له مع أنه كان من جملة استهزائهم إذا تحلقوا لسماع ما يقرأ أن يقولوا: إن كان ما يقول حقا من أمر البعث والجنة لنكونن أسعد بها منهم [ كما أنا أسعد منهم -] في هذه الدار كما قال تعالى حاكيا عنهم في قوله:
ولئن رجعت إلى ربي إن لي عنده للحسنى وذلك أنه كثيرا ما يأتي الغلط من [ أن -] الإنسان يكون في خير في الدنيا فيظن أن ذلك مانع له من النار لأنه خير في نفس الأمر، أو يظن أن إمهاله وهو على الباطل رضي به، ولا يدري [ أنه -] لا يضجر ويقلق ويعجل إلا من يخاف الفوت، أو يكون شيء بغير إرادته:
أيطمع أي بهذا الإتيان، وعبر بالطمع إشارة إلى
[ ص: 414 ] أنهم بلغوا الغاية في السفه لكونهم طلبوا أعز الأشياء من غير سبب تعاطوه له.
ولما كان إتيانهم على هيئة التفرق من غير انتظار جماعة لجماعة قال:
كل امرئ منهم أي على انفراده، ولما كان المحبوب دخول الجنة لا كونه من مدخل معين، قال بانيا للمفعول:
أن يدخل أي بالإهطاع وهو كافر من غير إيمان يزكيه كما يدخل المسلم فيستوي المسيء والمحسن
جنة نعيم أي لا شيء فيها غير النعيم في كل ما فيها على تقدير ضبطه.