ولما كان التقدير: فضل كل من الفريقين بالآخر ضلالا بعيدا حتى أبعدوا عن الشرائع النبوية، واعتقدوا ما لا يجوز اعتقاده من التعطيل واعتقاد الطبيعة، فلا يزال الأمر هكذا أرحام تدفع وأرض تبلع ولا رسول يهديهم ولا بعث للأرض على بارئهم، عطف عليه
[ ص: 475 ] قولهم مؤكدين في قراءة الكسر إشارة إلى [ ظهور -] دلائل البعث، وأنه لا يكاد يصدق أن أحدا يكذب به منبها على أن الأهواء والأغاليط قد يتطابق عليها الجم الغفير، حثا للمهتدي على أن لا يستوحش في طريق الهدى لقلة السالكين، ولا يغر بطرق الردى لكثرة الهالكين:
وأنهم أي الإنس إن كانوا يخاطبون الجن، والجن إن كانوا يخاطبون الإنس
ظنوا أي الجن أو الإنس ظنا ليسوا فيه على ثلج والظن قد يصيب، وقد يخطئ وهو أكثر
كما ظننتم أي أيها الجن أو الإنس، والمعنى في قراءة الفتح: وأوحى إلي أن الإنس أو الجن ظنوا، وسدوا عن مفعولي" ظن "بقولهم:
أن أي أن الشأن العظيم
لن أكد للدلالة على شدة إنكارهم لذلك
يبعث وأشاروا إلى خطأ هذا الظن بالتعبير بالجلالة فقالوا:
الله أي الذي له الإحاطة الكاملة علما وقدرة
أحدا أي بعد موته لما لبس [ به -] عليهم إبليس حتى رأوا حسنا ما ليس بالحسن، أو أحد من الرسل يزيل [ به -] عماية الجهل وما عليه الإنس من استغواء الجن لهم وغير ذلك من الضلال، وقد ظهر بالقرآن أن هذا الظن كاذب وأنه لا بد من
[ ص: 476 ] البعث في الأمرين لأنه حكمة الملك وخاصة الملك.