ولما أخبروا عن حالها إذ ذاك لأنه الأهم عندهم، أخبروا عن حالها قبل، فقالوا مؤكدين لما للإنس [ من التكذيب -] بوصول أحد إلى السماء:
وأنا كنا أي فيما مضى
نقعد منها أي السماء
مقاعد أي كثيرة قد علمناها لا حرس فيها فهي صالحة
للسمع أي لأن نسمع منها بعض ما تتكلم به الملائكة بما أمروا بتدبيره، وقد جاء في الخبر أن صفة قعودهم هي أن يكون الواحد منهم فوق الآخر حتى يصلوا إلى السماء، قال
أبو حيان : فمتى احترق الأعلى كان الذي تحته مكانه فكانوا يسترقون الكلمة فيلقونها إلى الكهان فيزيدون معها الكذب.
ولما كان التقدير: فنستمع منها [ فنسمع -] ما يقدر لنا من غير مانع، عطف عليه قوله:
فمن يستمع أي يجتهد في الوصول إلى السمع
الآن أي في هذا الوقت فيما يستقبل أنهم قسموا الزمان إلى [ ما -] كان من إطلاق الاستماع لهم وإلى ما صار إليه الحال من الحراسة، وأطلقوا "الآن" على الثاني كله، لأنهم أرادوا وقت قولهم فقط
[ ص: 478 ] أو أرادوه لأنهم يعلمون ما بعده فيجوزون أن يكون الحال فيه على غير ذلك
يجد له أي لأجله
شهابا أي شعلة من نار ساطعة محرقة.
ولما كان الشهاب في معنى الجمع لأن المراد أن كل موضع منها كذلك، وصفه باسم الجمع فقال:
رصدا أي يرصده الرامون به من غير غفلة، ويجوز أن يكون مصدرا على المبالغة كرجل عدل، والرصد الترقب لأنه لما كان لا تأخر عن رميه عند الدنو من السماء كان كأنه هو الراصد له، المراقب لأمره، الملاحظ الذي لا فتور عنده [ و-] لا غفلة بوجه بل هو الرصد وهو المعنى بنفسه، فمتى تسنم للاستماع رمي به فيمنعه من الاستماع وإن أدركه أحرقه، وأما السمع فقد امتنع لقوله تعالى
إنهم عن السمع لمعزولون