ولما عرفوا بالأمن الاعتصام بطاعة الله، نبهوا على خطر التعرض لبطشه فقالوا:
وأما القاسطون أي العريقون في صفة الجور عن الصواب من الجن وغيرهم فأولئك أهملوا أنفسهم فلم يتحروا لها فضلوا فأبعدوا عن المنهج فوقعوا في المهالك التي لا منجى منها:
فكانوا بجبلاتهم
لجهنم أي النار البعيدة القعر التي تلقاهم بالتجهم والكراهة
[ ص: 486 ] والعبوسة
حطبا توقد بهم النار فهي في اتقاد ما داموا أحياء، وهم أحياء ما دامت تتقد لا يموتون فيستريحون ولا يحيون فينتعشون، فالآية من الاحتباك، وهو منطوق لما أوجبه من السياق لا مفهوم: ذكر التحري أولا دليلا على تركه ثانيا وذكر جهنم ثانيا دليلا على حذف الجنة أولا، وسر ذلك أنهم في مقام الترهيب فذكروا ما يحذر، وطووا ما يجب العلم به لأن الله تعالى لا يضيع لأحد أجرا بل لا يقتصر على ما يقابل الحسنة في العرف بل لا بد أن يزيد عليها تسعة أضعافها وعنده المزيد ولا حول ولا قوة لنا إلا به سبحانه وتعالى.