صفحة جزء
ولما رغب ورهب سبحانه على ألسنة الجن بما هداهم له ونور قلوبهم به، وكانت الآية السالفة آخر ما حكى عنهم، وكان التقدير: أوحي إلي أن القاسطين من قومي وغيرهم لو آمنوا فعل بهم من الخير ما فعل بمؤمني الجني حين آمنوا، فأغناهم الله في الدنيا بحلاله عن حرامه من غير كلفة فكسا لهم كل عظم لقوه لحما أوفر ما كان، وأعاد لهم كل روث رأوه أحسن ما كان ببركة هذا النبي الكريم عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم وأن أي وأوحي إلي أن الشأن العظيم [ ص: 487 ] لو استقاموا أي طلب القاسطون من الخلق كلهم الجن والإنس القوم وأوجدوه، كائنين على الطريقة [ أي -] التي لا طريقة غيرها وهي التي فهمها الجن من القرآن من الإسلام والإقساط المؤدية إلى الفلاح في الدارين.

ولما كان [ الماء -] أصل كل خير كما قال تعالى في قصة نوح عليه الصلاة والسلام يرسل السماء عليكم مدرارا وكان منه كل شيء حي وكان عزيزا عند العرب، قال معظما له بالالتفات إلى مظهر العظمة: لأسقيناهم أي جعلنا لهم بما عندنا من العظمة ماء غدقا أي كثيرا عظيما عظيم النفع نكثر به الرزق ونزين به الأرض ونرغد به العيش.

التالي السابق


الخدمات العلمية