ولما كانت نعمه فضلا منه وليس مستحقة عليه بعبادة ولا غيرها، قال تعالى معرفا أن غايتها استحقاق الثواب أو العقاب على ما كتبه على نفسه سبحانه ولا يبدل القول لديه وأن جميع ما يعامل به عباده سبحانه وتعالى من نفع وضر إنما هو فتنة لهم يستخرج ما جبلوا عليه من حسن أو قبيح:
لنفتنهم أي نعاملهم معاملة المختبر
[ ص: 488 ] بما لنا من العظمة
فيه أي في ذلك الماء الذي تكون عنه أنواع النعم لينكشف حال الشاكر والكافر، قال الرازي: وهذا بعد ما حبس عنهم المطر سنين - انتهى. وقال غيره: قال
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر رضي الله تعالى عنه: أينما كان الماء كان المال، وأينما كان المال كانت الفتنة. وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن وغيره: كانوا سامعين مطيعين ففتحت عليهم كنوز
كسرى وقيصر ففتنوا بها فوثبوا بإمامهم فقتلوه - يعني
nindex.php?page=showalam&ids=7عثمان رضي الله تعالى عنه ويجوز أن يكون مستعارا للعلم وأنواع المعارف الناشئة عن العبادات التي هي للنفوس كالنفوس للأبدان وتكون الفتنة بمعنى التخليص من الهموم الرذائل في الدنيا والنقم في الآخرة، من فتنت الذهب - إذا خلصته من غشه.
ولما كان التقدير: فمن يقبل على ذكر ربه ننعمه في دار السلام أبدا، عطف عليه قوله:
ومن يعرض أي إعراضا مستمرا إلى الموت
عن ذكر ربه أي مجاوزا عن عبادة المحسن إليه المربي له الذي لا إحسان عنده من غيره
نسلكه أي ندخله
عذابا يكون مطرفا له كالخيط يكون في ثقب الخرزة في غاية الضيق
[ ص: 489 ] صعدا أي شاقا شديدا يعلوه ويغلبه ويصعد عليه، ويكون كل يوم أعلى مما قبله جزاء وفاقا، فإن الإعراض كلما تمادى زمانه كان أقوى مما كان.