ولما كان من المعلوم أنهم إذا سمعوا هذا الوعيد قالوا استهزاء وعمى عن طريق الصواب واستعلاء: متى يكون عجل به، استأنف قوله جوابا لهم جواب من لا يستخفه عجلة ولا ضجر لأنه لا يخاف الفوت ولا يلحقه ضرر ببقاء العدو واجتهادهم في أذى أوليائه مبينا ما يجوز على الرسل من أنه يخفى عليهم ما على البشر ويطلعهم الله تعالى ما يخفى على غيرهم:
قل أي في جوابهم إن كذبوا بإتيانهم العذاب وسألوا استهزاء منه عن وقت وقوعه أما كونه فلا بد منه لأنه قد برز الوعيد [ به ممن لا يخلف الميعاد، وأما تعيين وقته فقد أخفاه سبحانه لأنه -] أقعد في التهديد وهو معنى قوله:
إن أي ما
أدري بوجه من الوجوه وإن عالجت ذلك وتسببت فيه، وزاد في تقرير خفائه وأنه لا يزال في حيز ما يسأل عنه بصيغة الاستفهام فقال مقدما ما يخفيهم:
أقريب ما توعدون أي يكون الآن أو قريبا من هذا الأوان بحيث يتوقع عن
[ ص: 500 ] قرب
أم بعيد
يجعل له أي لهذا الوعي. ولما كان [ التأخير -] ربما أفهم تهاونا بالولي. فقال دافعا لذلك:
ربي أي المحسن إلي إن قدمه أو أخره
أمدا أي أجلا مضروبا عظيما بكل اعتبار حتى في البعد لا يتأتى مع ذلك أن يكون الآن ولا أن يتوقع دون ذلك الأمد، فهو في كل حال متوقع فكونوا على غاية الحذر لأنه لا بد من وقوعه [ فوقوعه -] لا كلام فيه، وإنما الكلام في تعيين وقته.