ولما أمر بطاعة الرسول - صلى الله عليه وسلم -؛ وذم من حاكم إلى غيره؛ وهدده؛ وختم تهديده بأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بالإعراض عنه؛ والوعظ له؛ فكان التقدير: "فما أرسلناك؛ وغيرك من الرسل؛ إلا للرفق بالأمة؛ والصفح عنهم؛ والدعاء لهم؛ على غاية الجهد والنصيحة"؛ عطف عليه قوله:
وما أرسلنا ؛ أي: بما لنا من العظمة؛ ودل على الإعراق في الاستغراق بقوله:
من رسول ؛ ولما كان ما يؤتيهم
[ ص: 316 ] - سبحانه وتعالى - من الآيات؛ ويمنحهم به من المعجزات؛ حاملا في ذاته على الطاعة شبهه بالحامل على إرساله؛ فقال:
إلا ليطاع ؛ أي: لأن منصبه الشريف مقتض لذلك؛ آمر به؛ داع إليه؛
بإذن الله ؛ أي: بعلم الملك الأعظم؛ الذي له الإحاطة بكل شيء في تمكينه من أن يطاع؛ لما جعلنا له من المزية بالصفات العظيمة؛ والمناصب الجليلة؛ والأخلاق الشريفة؛ كما قال - صلى الله عليه وسلم -
nindex.php?page=hadith&LINKID=654598 "ما من الأنبياء نبي إلا وقد أوتي من الآيات ما مثله آمن عليه البشر"؛ أخرجه الشيخان عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة - رضي الله عنه.
ولما كان التقدير: "فلو أطاعوك لكان خيرا لهم"؛ عطف عليه قوله:
ولو أنهم إذ ؛ أي: حين؛
ظلموا أنفسهم ؛ أي: بالتحاكم إلى الطاغوت؛ أو غيره؛
جاءوك ؛ أي: مبادرين؛
فاستغفروا الله ؛ أي: عقبوا مجيئهم بطلب المغفرة من الملك الأكرم؛ لما استحضروه له من الجلال؛
واستغفر لهم الرسول ؛ أي: ما فرطوا بعصيانه؛ فيما استحقه عليهم من الطاعة؛
لوجدوا الله ؛ أي: الملك الأعظم؛
توابا رحيما ؛ أي: بليغ التوبة على عبيده؛ والرحمة؛ لإحاطته بجميع صفات الكمال؛ فقبل توبتهم؛ ومحا ذنوبهم؛ وأكرمهم.