ولما كان حصرها في الذكرى ربما أوهم نقصا في أمرها يوجب لبعض المعاندين ريبة في عظمه وأنه لا حقيقة لها ولا عذاب فيها، قال رادعا من ذلك ومنبها على الاستعداد والحذر بكلمة الردع
[ ص: 68 ] والتنبيه:
كلا أي إياك أن ترتاب في أهوالها وعظيم أمرها وأحوالها وأوجالها لأن الأمر أطم وأعظم مما يخطر بالبال، فليرتدع السامع ولينزجر.
ولما حصر أمرها في الذكرى ونفى أن يظن بها نقص فيما جعلت له تأكيدا للكلام إشارة إلى ما لأغلب المخاطبين من الشكاسة والعوج إيقاظا مما هم فيه من الغفلة وتلطيفا لما لهم من اللوم والكثافة وتنبيها لهم على السعي في تقويم أنفسهم بما يستعملونه من الأدوية التي يرشدهم سبحانه إلى
علاج أمراض القلوب بها، زاد الأمر تأكيدا فأقسم على ذلك بما هو ذكرى للناس ولا يظهر معه ظلام الليل كما أن ضياء القرآن لا يظهر معه ظلام الجهل من أعمل عين فكرته، وألقى حظوظ نفسه، فقال:
والقمر [أي الذي -] هو آية الليل الهادية لمن ضل بظلامه