قالوا ذاكرين علة دخولهم النار بإفساد قوتهم العملية في التعظيم لأمر الله فذلكة لجميع ما تقدم [من-]
[ ص: 74 ] مهمات السورة بما حاصله أنهم لم يتحلوا بفضيلتين ولم يتخلوا عن رذيلتين تعريفا بأنهم كانوا مخاطبين بفروع الشريعة، وفي البداءة بالعمل تنبيه على أنه يجب على العاقل المبادرة إلى ما يأمره به الصادق لأنه المصدق لحسن الاعتقاد، والمبادرة إلى التلبس بالعمل أسهل من المبادرة إلى التلبس بالعلم، لأن العمل له صورة وحقيقة، ومطلق التصوير أسهل من التحقيق، ومن صور شيئا كان أقرب إلى تحقيقه ممن لم يصوره، فكان أجدر بتحقيقه ممن لم يباشر تصويره، ففيه حث على المسابقة إلى الأعمال الصالحة وإن لم تكن النية خالصة، وإيذان بأن من أدمن ترك الأعمال قاده إلى الانسلاخ من حسن الاعتقاد، وورطه في الضلال،
لم نك حذفوا النون دلالة على ما هم فيه من الضيق عن النطق حتى بحرف يمكن الاغتناء عنه، ودلالة على أنه لم يكن لهم نوع طبع جيد يحثهم على الكون في عداد الصالحين، وكان ذلك مشيرا إلى عظيم ما هم فيه من الدواهي الشاغلة بضد ما فيه أهل الجنة من الفراغ الحامل لهم على السؤال عن أحوال غيرهم، وكان ذلك منبها على فضيلة العلم:
من المصلين [أي-]
[ ص: 75 ] صلاة يعتد بها، فكان هذا تنبيها على أن رسوخ القدم [في الصلاة -] مانع من مثل حالهم، وعلى أنهم يعاقبون على فروع الشريعة وإن كانت لا تصح منهم، فلو فعلوها قبل الإيمان لم يعتد بها، وعلى أن
الصلاة [أعظم -] الأعمال، وأن الحساب بها يقدم على غيرها.