ولما كان التقدير قطعا بما يرشد إليه جميع ما مضى جوابا للقسم: إنك والله صادق في إنذارك فلا بد أن ينقر في الناقور بالنفخ في الصور. قال بانيا عليه بعد الإشارة إلى تعظيم أمر القيامة بما دل عليه حذف الجواب من أنها في وضوح الأمر وتحتم الكون على حالة لا تخفى على أحد منكرا على من يشك فيها بعد ذلك:
أيحسب الإنسان أي هذا النوع الذي يقبل [على -] الأنس بنفسه والنظر في عطفه والسرور بحسبه، وأسند الفعل إلى النوع كله لأن أكثرهم كذلك لغلبة الحظوظ على العقل إلا من عصم الله " أن " أي أنا.
ولما كان فيهم من يبالغ في الإنكار، عبر أيضا بأداة التأكيد فقال: " لن نجمع " أي على ما لنا من العظمة
عظامه أي التي هي قالب بدنه وعماده من الأرض فيعيدها كما كانت بعد تمزقها وتفتتها وافتراقها وبلاها وانمحاقها، وقد سدت المخففة مسد مفعولي "يحسب" المقدرين ب "يحسبنا" غير جامعين.
وقال الإمام
أبو جعفر بن الزبير : لما تقدم قوله مخبرا عن أهل
[ ص: 88 ] الكفر
وكنا نكذب بيوم الدين ثم تقدم في صدر السورة قوله تعالى:
فإذا نقر في الناقور إلى قوله:
غير يسير والمراد به يوم القيامة، والوعيد به لمن ذكر بعد في قوله
ذرني ومن خلقت وحيدا الآيات ومن كان على حاله في تكذيب وقوع ذلك اليوم، ثم تكرر ذكره عند جواب من سئل بقوله
ما سلككم في سقر فبسط القول في هذه السورة في بيان
ذكر ذلك اليوم وأهواله، وأشير إلى حال من كذب به في قوله تعالى
يسأل أيان يوم القيامة وفي قوله تعالى:
أيحسب الإنسان ألن نجمع عظامه ثم أتبع ذلك بذكر أحوال الخلائق في ذلك اليوم
ينبأ الإنسان يومئذ بما قدم وأخر انتهى.