ولما ذكر محبتهم للعاجلة بالمضارع الدال على التجدد والاستمرار، فاقتضى ذلك أنه حب غيره منفك التجدد أصلا، أخبر أنه ينقطع عن هول المطلع [مع -]
الدلالة على تمام القدرة، وأنه لا يرد قضاؤه، فقال رادعا لمن يظن عدم انقطاعه:
كلا أي لا يدوم هذا الحب بل لا بد أن ينقطع انقطاعا قبيحا جدا. ولما كان المحب للدنيا هو النفس، أضمرها لذلك ولدلالة الكلام [عليها -] فقال ذاكرا
[ ص: 108 ] ظرف ما أفهم حرف الردع تقديره من عدم المحبة:
إذا بلغت أي النفس المقبلة على العاجلة بأمر محقق - بما أفهمته أداة التحقق
التراقي أي عظام أعالي الصدر، جمع ترقوة وهي العظام التي حول الحلقوم عن يمين ثغرة النحر وشمالها بين الثغرة وبين العاتق، ولكل إنسان ترقوتان، وهو موضع الحشرجة، لعله جمع المثنى إشارة إلى شدة انتشارها بغاية الجهد لما هي فيه من الكرب لاجتماعها من أقاصي البدن إلى هناك وضيق المجال عليها كأنها تريد أن تخرج من أدنى موضع يقرب منها، وهذا كناية عن الإشفاء على الموت وما أحسن قول
حاتم الطائي وأشد التئامه مع ما هنا من أمر الروح:
أماوي ما يغني الثراء عن الفتى ... إذا حشرجت يوما وضاق بها الصدر