ولما كان التقدير: "فإن منكم الخارج إلى الجهاد عن غير حزم؛ ولا حذر"؛ عطف عليه قوله - مبينا لما هو من أجل مقاصد هذه الآيات؛ من تبكيت المنافقين؛ للتحذير منهم؛ ووصفهم ببعض ما يخفون؛ مؤكدا لأن كل من ادعى الإيمان ينكر أن يكون كذلك -:
وإن منكم ؛ أي: يا أيها الذين آمنوا؛ وعزتنا؛
لمن ليبطئن ؛ أي: يتثاقل في نفسه عن الجهاد؛ لضعفه في الإيمان؛ أو نفاقه؛ ويأمر غيره بذلك؛ أمرا مؤكدا؛ إظهارا للشفقة عليكم؛ وهو عين الغش؛ فإنه يثمر الضعف المؤدي إلى جرأة العدو؛ المفضي إلى التلاشي.
ولما كان لمن يتثاقل عنهم حالتا نصر؛ وكسر؛ سبب عن تثاقله؛
[ ص: 325 ] مقسما لقوله فيهما:
فإن أصابتكم مصيبة ؛ أي: في وجهكم الذي قعدوا عنه؛
قال ؛ ذلك القاعد - جهلا منه؛ وغلظة -:
قد أنعم الله ؛ أي: الملك الأعظم؛ ذاكرا لهذا الاسم؛ غير عارف بمعناه؛
علي إذ ؛ أي: حين؛ أو لأني؛
لم أكن معهم شهيدا ؛ أي: حاضرا؛ ويجوز أن يريد الشهيد الشرعي؛ ويكون إطلاقه من باب التنزل؛ فكأنه يقول: هذا الذي هو أعلى ما عندهم؛ أعد فواته مني نعمة عظيمة؛