ولما ذكر الدار وساكنيها من مخدوم وخدم، ذكر لباسهم بانيا حالا من الفاعل والمفعول: " عليهم " أي حال كون الخادم والمخدوم يعلو أجسامهم على سبيل الدوام، وسكن نافع وحمزة الياء على أنه مبتدأ وخبر شارح للملك على سبيل الاستئناف
ثياب سندس وهو ما رق من الحرير
خضر رفعه الجماعة صفة لثياب، وجره
nindex.php?page=showalam&ids=16456ابن كثير nindex.php?page=showalam&ids=15760وحمزة nindex.php?page=showalam&ids=15080والكسائي nindex.php?page=showalam&ids=11948وأبو بكر عن
nindex.php?page=showalam&ids=16273عاصم صفة لسندس حملا على المعنى فإنه اسم جنس
وإستبرق وهو ما غلظ من الديباج يعمل بالذهب، أو هو ثياب حرير صفاق نحو الديباج - قاله في القاموس، رفعه
nindex.php?page=showalam&ids=16456ابن كثير nindex.php?page=showalam&ids=17192ونافع nindex.php?page=showalam&ids=16273وعاصم نسقا على ثياب، وجره الباقون على سندس.
ولما كان المقصود لأرباب اللباس الفاخر الحلية، أخبر عن تحليتهم، وبني الفعل للمفعول دلالة على تيسر ذلك لهم وسهولته عليهم فقال:
وحلوا أي وجدت تحلية المخدومين والخدم
أساور من فضة وإن كانت تتفاوت بتفاوت الرتب، وتقدم سر تخصيص هذه السورة بالفضة والأساورة بجمع ما فيها من لذة الزينة لذة اتساع الملك فإنها
[ ص: 150 ] كناية عنه فإنه - كما قال الملوي - كان في الزمن [القديم -] إذا ملك ملك أقاليم عظيمة كثيرة لبس سوارا وسمي الملك المسور لاتساع مملكته وعظمتها وكثرة أقاليمها، وإن لم تجمع أقاليم لم يسور فما ظنك بمن أعطى من ذلك جمع الكثرة، وهي بالغة من الأعضاء ما يبلغ التحجيل في الوضوء كما قال صلى الله عليه وسلم:
nindex.php?page=hadith&LINKID=842787 "تبلغ الحلية من المؤمن حيث يبلغ الوضوء" فلذا كان
nindex.php?page=showalam&ids=3أبو هريرة رضي الله عنه يرفع الماء إلى المنكبين وإلى الساقين.
ولما كان ربما ظن بما تقدم من ذلك الممزوج شيء من نقص لأجله يمزج كما هو في الدنيا، وكان قد قال أولا
يشربون بالبناء للفاعل، وثانيا (يسقون ) بالبناء للمفعول، قال بانيا للفاعل بيانا لفضل ما يسقونه في نفسه وفي كونه من عند الإله الأعظم المتصف بغاية الإحسان على صفة من العظمة تليق بإحسانه سبحانه بما أفاده إسناد الفعل إليه:
وسقاهم وعبر بصفة الإحسان تأكيدا [لذلك -] فقال:
ربهم أي الموجد لهم المحسن إليهم المدبر لمصالحهم
شرابا طهورا أي ليس هو كشراب الدنيا سواء كان من الخمر أو من الماء أو من غيرهما، بل هو بالغ الطهارة والوصف بالشرابية من العذوبة واللذة واللطافة، وهو مع ذلك آلة للتطهير البالغ للغير فلا يبقى في بواطنهم
[ ص: 151 ] غش ولا وسواس، ولا يريدون إلا ما يرضي مليكهم مما أسس على غاية الحكمة وفاق كامل وسجايا مطهرة وأخلاق مصطفاة لا عوج فيها، ولا يستحيل شيء من شرابهم إلى نجاسة من بول ولا غيره، بل يصير رشحا كرشح المسك ويعطي الرجل شهوة مائة رجل في الأكل وغيره، فإذا أكل شرب فطهر باطنه ورشح منه المسك فعادت الشهوة، بل الحديث يدل على أن شهوتهم لا تنقضي أصلا فإنه قال: "يجد لآخر لقمة من اللذة ما يجد لأولها" يفعل [بهم -] هذا سبحانه قائلا لهم مؤكدا تسكينا لقلوبهم لئلا يظنون أن ما هم فيه على وجه الضيافة ونحوها فيظنوا انقطاعه