[ ص: 189 ] سورة عم يتساءلون وتسمى النبأ
مقصودها الدلالة على أن
يوم القيامة الذي كانوا مجمعين على نفيه، وصاروا بعد بعث النبي صلى الله عليه وسلم في خلاف فيه مع المؤمنين ثابت ثباتا لا يحتمل شكا ولا خلافا بوجه، لأن خالق الخلق مع أنه حكيم قادر على ما يريد دبرهم أحسن تدبير، بنى لهم مسكنا وأتقنه، وجعلهم على وجه يبقى به نوعهم من أنفسهم بحيث لا يحتاجون إلى أمر خارج يرونه، فكان ذلك أشد لألفتهم وأعظم لأنس بعضهم ببعض، وجعل سقفهم وفراشهم كافلين لمنافعهم، والحكيم لا يترك عبيده وهو تام القدرة كامل السلطان يمرحون يبغي بعضهم على بعض ويأكلون خيره ويعبدون غيره بلا حساب، فكيف إذا كان حاكما فكيف إذا كان أحكم الحاكمين، هذا ما لا يجوز في عقل ولا خطر ببال أصلا، فالعلم واقع به قطعا، وكل من اسميها واضح في ذلك بتأمل آيته ومبدأ ذكره [و -] غايته ( بسم الله ) الحكيم العليم
[ ص: 190 ] الذي له جميع صفات الكمال ( الرحمن ) الذي ساوى بين عباده في أصول النعم الظاهرة: الإيجاد والجاه والمال، وبيان الطريق الأقوم بالعقل الهادي والإنزال والإرسال ( الرحيم ) الذي خص من شاء بإتمام تلك النعم فوفقهم لمحاسن الأعمال لما أخبر في المرسلات بتكذيبهم بيوم الفصل وحكم على أن لهم بذلك الويل المضاعف المكرر، وختمها بأنهم إن كفروا بهذا القرآن لم يؤمنوا بعده بشيء، افتتح هذه بأن ما خالفوا فيه وكذبوا الرسول في أمره لا يقبل النزاع لما ظهر من
بيان القرآن لحكمة الرحمن التي يختلف فيها اثنان مع الإعجاز في البيان، فقال معجبا منهم غاية العجب زاجرا لهم ومنكرا عليهم ومتوعدا لهم ومفخما للأمر بصيغة الاستفهام منبها على أنه ينبغي أن لا يعقل خلافهم، ولا يعرف محل نزاعهم، فينبغي أن يسأل عنه كل أحد حتى العالم به إعلاما بأن ما يختلفون فيه لوضوحه لا يصدق أن عاقلا يخالف أمره فيه وأنه لا ينبغي التساؤل [إلا -] عما هو خفي فقال: