ولما ذكر سبحانه سعة فضله، وصف نفسه الأقدس بما يدل على عظمته زيادة في شرف المخاطب صلى الله عليه وسلم لأن عظمة العبد على حسب عظمة السيد، فقال مبدلا على قراءة الجماعة وقاطعا بالرفع على المدح عند الحجازيين
nindex.php?page=showalam&ids=12114وأبي عمرو: رب السماوات والأرض أي مبدعهما ومدبرهما ومالكهما
وما بينهما ملكا وملكا. ولما شمل
[ ص: 212 ] ذلك العرش وما دونه، علله بقوله:
الرحمن أي الذي له الإنعام العام الذي أدناه الإيجاد، وليس ذلك لأحد غيره، فإن الكل داخل في ملكه وملكه، ولذلك قال دالا على الجبروت بعد صفة الرحمة:
لا يملكون أي أهل السماوات والأرض ومن بين ذلك أصلا دائما في وقت من الأوقات في الدنيا ولا في الآخرة لا في يوم بعينه:
منه أي العام النعمة خاصة
خطابا أي أن يخاطبوه أو يخاطبوا غيره بكلمة فما فوقها في أمرهم في غاية الاهتمام به بما أفاده التعبير بالخطاب، فكيف بما دونه وإذا لم يملكوا ذلك منه فممن والكل في ملكه وملكه؟ وعدم ملكهم لأن يخاطبهم مفهوم موافقة، والحاصل أنهم لا يقدرون على خطاب ما من ذوات أنفسهم كما هو شأن المالك. وأما غيره فقد يملكون أن يكرهوه على خطابهم وأن يخاطبوه بغير إذن من ذلك [ الغير - ] ولا رضى وبغير تملك منه لهم لأنه لا ملك له، وإذا كان هذا في الخطاب فما ظنك بمن يدعي الوصال بالاتحاد - عليهم اللعنة ولهم سوء المآب، ما أجرأهم على الاتحاد! وقال الأستاذ أبو القاسم القشيري: كيف يكون للمكون المخلوق والفقير المسكين مكنة تملك منه خطابا أو تتنفس نفسا كلا بل هو الله الواحد الجبار.