ولما أخبر عنهم بهذا الهوان، وكان قد عبر عنهم بأدنى الأسنان إشارة إلى أن منهم من يقبل الإيمان، استثنى منهم فقال:
إلا الذين آمنوا أي أقروا بالإيمان
وعملوا دلالة على صدق إيمانهم
الصالحات
ولما تقدم أن من حوسب عذب، وأن الناجي إنما يكون حسابه عرضا، علم أنه ليس للأعمال دخل في الحقيقة في الأجر، وإنما المدار كما قال النبي صلى الله عليه وسلم على التغمد بالرحمة حتى في تسمية النعيم أجرا،
[ ص: 351 ] أسقط الفاء المؤذنة بالسبب تنبيها على ذلك بخلاف ما في سورة التين لما يأتي من اقتضاء سياقها للفاء فقال:
لهم أجر أي عظيم وثواب جزيل يعلمه الله تعالى وهو التجاوز عن صغائرهم وسترها
غير ممنون أي مقطوع أو منقوص أو يمتن عليهم به في الدنيا والآخرة يؤتون ذلك في يوم الدين يوم تنشق السماء وتمد الأرض ويثوب الكفار ما كانوا يفعلون، فقد رجع آخرها على أولها، واعتلق مفصلها حق الاعتلاق بموصلها.