ولما كان من تكذيبهم، وهو أعظم تكذيبهم، طعنهم في أعظم آيات القرآن بأن يقولوا: هو كذب مختلق، إنما هو أساطير الأولين، أي أكذوباتهم لا حقائق لما يخبر به مع أنه قد أقام الدليل الأعظم لنفسه بنفسه بما له من الإعجاز على أنه حق، قال معبرا بالضمير إيذانا بأنه
[ ص: 367 ] لعظمه في كل قلب لا غيبة له أصلا، ليس لأحد حديث إلا فيه، بانيا على ما تقديره: ليس الأمر كما يزعم الكفار في القرآن:
بل هو أي هذا القرآن الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد
قرآن أي جامع لكل منقبة جليلة بالغ الذروة العليا في كل شرف
مجيد أي شريف كريم ليس فيه شيء من شوائب الذم عزيز [عظيم - ] شريف عال جواد حسن الخلال وحيد في نظمه ومعانيه المغيبة والمشاهدة حاو لمجامع الحمد ليس بقول مخلوق ولا هو مخلوق بل هو صفة الخالق بل هو جواد بكل ما يراد منه من المحاسن لمن صدقت نيته وطهرت طويته، وعلت همته وكرمت سجيته، فهو يأبى له مجده أن يلم بساحته طعن بوجه من الوجوه، ومجده تجريب أحكامه من بين عاجل ما شهد وآجل ما علم بعالم ما شهد، فكان معلوما بالتجربة المتيقنة بما تواتر من القصص الماضي وما شهد له من الأثر الحاضر وما يتجدد مع الأوقات من أمثاله وأشباهه وأشكاله، فكذب من قال إنه شعر أو كهانة أو سحر - أو غير ذلك من الأباطيل.