لما تقدم [في - ] آخر البروج أن القرآن في لوح محفوظ لأن منزله محيط بالجنود من المعاندين وبكل شيء، أخبر أن من إحاطته حفظ كل فرد من جميع الخلائق [المخالفين - ] والموافقين والمؤالفين،
[ ص: 371 ] ليجازى على أعماله يوم إحقاق الحقائق وقطع العلائق، فقال مقسما على ذلك لإنكارهم له:
والسماء أي ذات الأنجم الموضوعة لحفظها من المردة لأجل حفظ [القرآن - ] المجيد الحافظ لطريق الحق، قال الملوي: [و - ] المراد بها [هنا - ] ذات الأفلاك الدائرة لا السماوات العلى [بما - ] جعل فيها من ليل ونهار ودورتهما ثلاثمائة وستين درجة لا تتغير أبدا في هذه [الدار - ] بنقص و[لا - ] زيادة بنصف درجة ولا دقيقة ولا ثانية ولا ما دون ذلك، بل كلما زاد أحدهما شيئا نقص من الآخر بحسابه عرف ذلك من العقل والنقل والتجربة فعرف أنه يحفظ [حفيظ - ] حي لا يموت، قيوم لا يغفل ولا ينام - انتهى.
ولما أقسم بالسماء لما لها من الشرف والمجد تنبيها على ما فيها من بدائع الصنع الدالة على القدرة الباهرة. أقسم بأعجب ما فيها وهو جنس النجوم ثم بأعربه وهو المعد للحراسة تنبيها على ما في ذلك من غرائب القدرة فقال:
والطارق أي جنس الكواكب الذي يبدو ليلا ويخفى نهارا، ويطرق مسترقي السمع فيبدد شملهم ويهلك من أراد الله منهم لأجل هداية [الناس - ] بالقرآن في الطرق المعنوية وظهوره وإشراقه في السماء لهدايتهم في الطرق الحسية وهو في الأصل
[ ص: 372 ] لسالك الطريق، واختص عرفا بالآتي ليلا لأنه يجد الأبواب مغلقة فيحتاج إلى طرقها، ثم استعمل للبادي فيه كالنجم.