أيحسب [ ص: 52 ] أي هذا الإنسان لضعف عقله مع ما هو فيه من أنواع الشدائد
أن لن يقدر ولما أكد بالفعلية وخصوص هذا النافي قدم الجار تأكيدا بما يفيد من الاهتمام بالإنسان فقال:
عليه أي خاصة
أحد أي من أهل الأرض أو السماء فيغلبه حتى أنه يعاند خالقه مع ما ينظر من اقتداره على أمثاله بنفسه وبمن شاء من جنوده فيعادي رسله عليهم الصلاة والسلام ويجحد آياته.
وقال الإمام
أبو جعفر بن الزبير : لما أوضح سبحانه وتعالى حال [من] تقدم ذكره في السورتين في عظيم حيرتهم وسوء غفلتهم وما أعقبهم ذلك من التذكر تحسرا حين لا ينفع التندم، ولات حين مطمع، أتبع ذلك بتعريف نبينا عليه أفضل الصلاة والسلام بأن وقوع ذلك منهم إنما جرى على حكم السابقة التي شاءها و[الحكمة] التي قدرها كما جاء في الموضع الآخر
ولو شئنا لآتينا كل نفس هداها فأشار تعالى إلى هذا بقوله
لقد خلقنا الإنسان في كبد أي أنا خلقناه لذلك ابتلاء ليكون ذلك قاطعا لمن سبق له الشقاء عن التفكر والاعتبار
وإن تدعهم إلى الهدى فلن يهتدوا إذا أبدا فأعماهم بما
[ ص: 53 ] خلقهم فيه من الكبد وأغفل قلوبهم فحسبوا أنهم لا يقدر عليهم أحد، وقد بين سبحانه وتعالى فعله هذا بهم في قوله لنبيه صلى الله عليه وسلم
ولا تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا واتبع هواه ولو شاء ربك لآمن من في الأرض كلهم جميعا فأنت تشاهدهم يا
محمد ذوي أبصار وآلات يعتبر بها النظار
ألم نجعل له عينين ولسانا وشفتين فهلا أخذ في خلاص نفسه، واعتبر بحاله وأمسه،
فلا اقتحم العقبة ولكن إذا أراد الله بقوم سوءا فلا مرد له - انتهى.