ولما كان
الإنسان لا يفتخر بالإنفاق إلا إذا أفضى إلى الإملاق ، فعلم أن مراد الإشارة إلى أن معه أضعاف ما أنفق من حيث إنه حقره بلفظ الإهلاك، إشارة إلى الثانية والثالثة من شهواته النفسية وهما إرادته أن يكون له الفخار والامتنان على جميع الموجودات، وإرادته أن يكون عنده من الأموال ما لا تحيط به الأفكار ولا تحويه الأقطار - كما يشير إليه حديث "
nindex.php?page=hadith&LINKID=701039لو أن لابن آدم واد من ذهب "و" لا يملأ جوف ابن آدم إلا التراب " علل سبحانه وتعالى جهله في حسابه
[ ص: 54 ] ذلك وما تبعه بقوله:
يقول أي مفتخرا بقدرته وشدته:
أهلكت مالا لبدا ولقصد المبالغة في كثرته جاءت قراءة [
أبي] جعفر بالتشديد على أنه جمع لا بد كركع وراكع فأفهمت أنه بحيث لا يحصى، بل لو جمع لم تسعه الأرض إلا بأن يكون [بعضه] على بعض فلا يعد ولا يحد، أي وذلك قليل من الكثير الذي معي، قلدت به أعناق الرجال المنن، واستعبدت به الأحرار في كل زمن، فصرت بحيث إذا دعوت كثر الملبي، وإذا ناديت كثر المجيب، وإذا أمرت عظم الممتثل، وفاء لصنائعي الماضية ورغبة في نعمي الباقية، فمن يستعصي علي ومن يخالف أمري، فضلا عن أن يريد إخمال ذكري أو نقص قدري.