ولما كان المتمادي بعد نزول هذا الهدي موجدا للكفر؛ مجددا له؛ نبه على إغراقه في البعد بغضبه - سبحانه وتعالى - لتماديه؛ معلما أن الثبات على الكفر عظيم جدا؛ وصوره بأقبح صورة؛ وفي ذلك ألطف استعطاف إلى النزوع عن الخلاف؛ فقال:
إن الذين آمنوا ؛ أي: بما كانوا مهيئين له من الإيمان بالفطرة الأولى؛
ثم كفروا ؛ أي: أوقعوا الكفر؛ فعوجوا ما أقامه الله من فطرهم؛
ثم آمنوا ؛ أي: حقيقة؛ أو بالقوة؛ بعد مجيء الرسول؛ بما هيأهم له بإظهار الأدلة؛ وإقامة الحجج؛
ثم كفروا ؛ أي: بذلك الرسول؛ أو برسول آخر؛ بتجديد الكفر؛ أو التمادي فيه؛
ثم ازدادوا ؛ أي: بإصرارهم على الكفر إلى الموت؛
كفرا لم يكن الله ؛ أي: الذي له صفات الكمال؛
ليغفر لهم ؛ أي: ما داموا على هذا الحال؛ لأنه لا يغفر أن يشرك به؛
ولا ليهديهم سبيلا ؛ أي: من السبل الموصلة إلى المقصود.