ولما عم بالحشر المستكبرين؛ وغيرهم؛ جاء التفصيل إلى القسمين؛ فقال:
فأما الذين آمنوا ؛ أي: أذعنوا لله (تعالى) ؛ وخضعوا له؛
وعملوا الصالحات ؛ تصديقا لإقرارهم بالإيمان؛
فيوفيهم أجورهم ؛ أي: التي جرت العادات بينكم أن يعطوها؛ وإن كانوا في الحقيقة لا يستحقونها؛ لأن الله (تعالى) هو الذي وفقهم لها؛ فهي فضل منه عليهم؛
ويزيدهم ؛ أي: بعد ما قضيت به العادات؛
من فضله ؛ أي: شيئا لا يدخل تحت الحصر؛ لأنه ذو الفضل العظيم؛
وأما الذين استنكفوا واستكبروا ؛ أي: طلبوا كلا من الإباء؛ والكبر؛
فيعذبهم عذابا أليما ؛ أي: بما وجدوا من لذاذة الترفع؛ والكبر؛ وآلموا بذلك أولياء الله؛
ولا يجدون لهم ؛ أي: حالا؛ ولا مآلا؛
من دون الله ؛ الذي لا أمر لأحد معه؛
وليا ؛ أي: قريبا يصنع معهم ما يصنع القريب؛
ولا نصيرا ؛ أي: وإن كان بعيدا؛ وفي هذا أتم زاجر عما قصده المنافقون من موالاة أهل الكتاب؛ وأعظم ناف لما منوهم إياه مما لهم؛ وزعموا من المنزلة عند الله؛ المقتضية أن يقربوا
[ ص: 526 ] من شاؤوا؛ ويبعدوا من شاؤوا؛ وهو من أنسب الأشياء لختام أول الآيات المحذرة منهم:
وكفى بالله وليا وكفى بالله نصيرا