صفحة جزء
ولما وعظه بما يمنعه من قتله؛ ويقبل به على خلاص نفسه؛ أعلمه ثانيا أن الخوف من الله منعه من أن يمانعه عن نفسه؛ ملينا لقلبه بما هو جدير أن يرده عنه؛ خشية أن تجره الممانعة إلى تعدي الحد المأذون فيه؛ لأن أخاه كان عاصيا؛ لا مشركا؛ فقال - مؤكدا بالقسم؛ لأن مثل ما يخبر به عظيم؛ لا يكاد يصدق -: لئن بسطت إلي ؛ أي: خاصة؛ يدك لتقتلني ؛ أي: لتوجد ذلك؛ بأي وجه كان؛ ثم بالغ في إعلامه بامتناعه من الممانعة؛ فقال: ما أنا ؛ وأغرق في النفي؛ فقال: بباسط ؛ أي: أصلا؛ وقدم المفعول به؛ تعميما؛ ثم خص المتعلق؛ لمناسبة الحال فقال: يدي إليك لأقتلك ؛ أي: في أي وقت من الأوقات؛ ولعله أتى بالجملة الاسمية المفيدة لنفي الثبات والدوام؛ أدبا مع الله في عدم الحكم على [ ص: 120 ] المستقبل؛ ثم علله بقوله: إني أخاف الله ؛ أي: أستحضر جميع ما أقدر على استحضاره من كماله؛ ثم وصفه بالإحسان إلى خلقه؛ ليكون ذلك مانعا له من الإساءة إلى أحد منهم؛ فقال: رب العالمين ؛ أي: الذي أنعم عليهم بنعمة الإيجاد؛ ثم التربية؛ فأنا لا أريد أن أخرب ما بنى؛ وهذا كما فعل عثمان -رضي الله عنه.

التالي السابق


الخدمات العلمية