ولما كانت
السرقة من جملة المحاربة؛ والسعي بالفساد؛ وكان فاعلها غير متق؛ ولا متوسل؛ عقب بها؛ فقال:
والسارق ؛ الآخذ لما هو في حرز؛ خفية؛ لكونه لا يستحقه؛
والسارقة ؛ أي: كذلك; ولما كان التقدير: "وهما مفسدان"؛ أو: "حكمهما فيما يتلى عليكم"؛ سبب عنه قوله:
فاقطعوا ؛ و"ال" - قال
المبرد - للتعريف؛ بمعنى: "الذي"؛ والفاء للسبب؛ كقولك:
[ ص: 135 ] "الذي يأتيني فله كذا كذا درهم"؛
أيديهما ؛ أي: الأيامن؛ من الكوع؛ إذا كان المأخوذ ربع دينار فصاعدا؛ من حرز مثله؛ من غير شبهة له فيه - كما بين جميع ذلك النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ ويرد مع القطع ما سرقه; ثم علل ذلك بقوله:
جزاء بما كسبا ؛ أي: فعلا من ذلك؛ وإدالته على أدنى وجوه السرقة؛ وقاية للمال؛ وهوانا لها؛ للخيانة؛ وديتها إذا قطعت في غير حقها خمسمائة دينار؛ وقاية للنفس من غير أن ترخصها الخيانة؛ ثم علل هذا الجزاء بقوله:
نكالا ؛ أي: منعا لهما؛ كما يمنع القيد؛
من الله ؛ أي: الذي له جميع العظمة؛ فهو المرهوب لكل مربوب؛ وأعاد الاسم الأعظم تعظيما للأمر؛ فقال:
والله ؛ أي: الذي له جميع صفات الكمال؛
عزيز ؛ أي: في انتقامه؛ فلا يغالبه شيء
حكيم ؛ أي: بالغ الحكم والحكمة في شرائعه؛ فلا يستطاع الامتناع من سطوته؛ ولا نقض شيء يفعله؛ لأنه يضعه في أتقن مواضعه.