ولما كان ذلك علة في الظاهر؛ ومعلولا في الباطن؛ لرقة القلب؛ قال:
[ ص: 270 ] وإذا سمعوا ؛ أي: أتباع النصرانية؛
ما أنـزل إلى الرسول ؛ أي: الذي ثبتت رسالته بالمعجز؛ فكان من شأنه أن يبلغ ما أنزل إليه للناس؛
ترى أعينهم ؛ ولما كان البكاء سببا لامتلاء العين بالدمع؛ وكان الامتلاء سببا للفيض؛ الذي حقيقته السيلان بعد الامتلاء؛ عبر بالمسبب عن السبب؛ فقال:
تفيض من الدمع ؛ أصله: "يفيض دمعها؛ ثم تفيض هي دمعا"؛ فهو من أنواع التمييز؛ ثم علل الفيض بقوله:
مما عرفوا من الحق ؛ أي: وليس لهم غرض دنيوي يمنعهم عن قبوله؛ ثم بين حالهم في مقالهم بقوله:
يقولون ربنا ؛ أي: أيها المحسن إلينا؛
آمنا ؛ أي: بما سمعنا؛
فاكتبنا ؛ ولما كان من شأن الشاهد إحضار القلب؛ وإلقاء السمع؛ والقيام التام بما يتلى عليه؛ ويندب إليه؛ قال:
مع الشاهدين ؛ أي: أمة
محمد - صلى الله عليه وسلم - الذين يشهدون على الأمم يوم القيامة؛ فإن تقويتنا على ذلك ليست إلا إليك؛