ولما مدح - سبحانه - الرهبان؛ وكان ذلك داعيا إلى الترهب؛ وكانت الرهبانية حسنة بالذات؛ قبيحة بالعرض؛ شريفة في المبدإ؛ دنية في المآل؛ فإنها مبنية على الشدة؛ والاجتهاد في الطاعات؛ والتورع عن أكثر المباحات؛
والإنسان مبني على الضعف؛ مطبوع على النقائص؛ فيدعوه طبعه؛ ويساعده ضعفه إلى عدم الوفاء بما عاقد عليه؛ ويسرع بما له من صفة العجلة إليه؛ فيقع في الخيانة؛ كما قال (تعالى):
فما رعوها حق رعايتها ؛ عقب ذلك بالنهي عنها في هذا الدين؛ والإخبار عنه بأنه بناه على التوسط؛ رحمة منه لأهله؛ ولطفا بهم؛ تشريفا لنبيهم - صلى الله عليه وسلم -؛ ونهاهم عن الإفراط فيه؛ والتفريط؛ فقال (تعالى):
يا أيها الذين آمنوا ؛ أي: وجد منهم الإقرار بذلك؛
لا تحرموا ؛ أي: تمنعوا أنفسكم بنذر؛ أو يمين؛ أو غيرهما؛ تصديقا لما أقررتم به؛ ورغبهم في امتثال أمره بأن جعله موافقا لطباعهم؛ ملائما لشهواتهم؛ فقال:
طيبات ما ؛ أي: المطيبات؛ وهي اللذائذ؛ التي
أحل الله ؛ وذكر هذا الاسم الأعظم مرغب في ذلك؛ فإن الإقبال على المنحة يكون على مقدار المعطي؛ وأكد ذلك بقوله:
لكم ؛ أي: وأما هو - سبحانه - فهو منزه عن الأغراض؛ لا ضر يلحقه؛ ولا نفع؛ لأن له الغنى المطلق.
ولما أطلق لهم ذلك؛ حثهم على الاقتصاد؛ وحذرهم من مجاوزة الحد؛
[ ص: 275 ] إفراطا؛ وتفريطا؛ فقال:
ولا تعتدوا ؛ فدل بصيغة الافتعال على أن الفطرة الأولى مبنية على العدل؛ فعدولها عنه لا يكون إلا بتكلف؛ ثم علل ذلك بقوله - مؤكدا لاستبعاد أن ينهى عن الإمعان في العبادة -:
إن الله ؛ أي: وهو الملك الأعظم؛
لا يحب المعتدين ؛ أي: لا يفعل فعل المحب؛ من الإكرام؛ للمفرطين في الورع؛ بحيث يحرمون ما أحللت؛ ولا للمفرطين فيه؛ الذين يحللون ما حرمت؛ أي: يفعلون فعل المحرم؛ من المنع؛ وفعل المحلل؛ من التناول؛ وما ذكر من سبب نزول الآية واضح في ذلك; روى
nindex.php?page=showalam&ids=15466الواحدي في أسباب النزول؛ بسنده عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس - رضي اللـه عنهما -
nindex.php?page=hadith&LINKID=890444أن رجلا أتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله؛ إني إذا أكلت من هذا اللحم انتشرت إلى النساء؛ وإني حرمت علي اللحم؛ فنزلت: لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم ؛ ونزلت: وكلوا مما رزقكم الله وأخرجه
nindex.php?page=showalam&ids=13948الترمذي في التفسير؛ من جامعه؛ وقال: حسن؛ غريب؛ ورواه
خالد الحذاء؛ عن
nindex.php?page=showalam&ids=16584عكرمة؛ مرسلا؛ وقال
nindex.php?page=showalam&ids=15466الواحدي ؛ وتبعه عليه
nindex.php?page=showalam&ids=13889البغوي : قال المفسرون:
جلس رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فذكر الناس؛ ووصف القيامة؛ ولم يزدهم على التخويف؛ فرق الناس وبكوا؛ فاجتمع عشرة من الصحابة - رضي اللـه عنهم - في بيت nindex.php?page=showalam&ids=5559عثمان بن مظعون [ ص: 276 ] الجمحي؛ وهم nindex.php?page=showalam&ids=1أبو بكر الصديق؛ nindex.php?page=showalam&ids=8وعلي بن أبي طالب؛ nindex.php?page=showalam&ids=10وعبد الله بن مسعود؛ nindex.php?page=showalam&ids=13وعبد الله بن عمرو؛ nindex.php?page=showalam&ids=1584وأبو ذر الغفاري؛ nindex.php?page=showalam&ids=267وسالم؛ مولى أبي حذيفة؛ والمقداد بن الأسود؛ nindex.php?page=showalam&ids=23وسلمان الفارسي؛ ومعقل بن مقرن؛ واتفقوا على أن يصوموا النهار؛ ويقوموا الليل؛ ولا يناموا على الفرش؛ ولا يأكلوا اللحم؛ ولا الودك؛ ولا يقربوا النساء؛ والطيب؛ ويلبسوا المسوح؛ ويرفضوا الدنيا؛ ويسيحوا في الأرض؛ ويترهبوا؛ ويجبوا المذاكير; فبلغ ذلك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال لهم: "ألم أنبأ أنكم اتفقتم على كذا وكذا؟"؛ قالوا: بلى يا رسول الله؛ وما أردنا إلا الخير؛ فقال: "إني لم أومر بذلك؛ إن لأنفسكم عليكم حقا؛ فصوموا؛ وأفطروا؛ وقوموا؛ وناموا؛ فإني أقوم؛ وأنام؛ وأصوم؛ وأفطر؛ وآكل اللحم؛ والدسم؛ ومن رغب عن سنتي فليس مني"; ثم جمع الناس؛ فخطبهم فقال: "ما بال أقوام حرموا النساء؛ والطعام؛ والطيب؛ والنوم؛ وشهوات الدنيا؟! أما إني لست آمركم أن تكونوا قسيسين ورهبانا؛ فإنه ليس في ديني ترك اللحم؛ والنساء؛ ولا اتخاذ الصوامع؛ وإن سياحة أمتي الصوم؛ ورهبانيتهم الجهاد؛ واعبدوا الله [ ص: 277 ] ولا تشركوا به شيئا؛ وحجوا؛ واعتمروا؛ وأقيموا الصلاة؛ وآتوا الزكاة؛ وصوموا رمضان؛ فإنما هلك من كان قبلكم بالتشديد؛ شددوا؛ فشدد الله عليهم؛ فأولئك بقاياهم في الديارات والصوامع"؛ فأنزل الله (تعالى) هذه الآية؛ فقالوا: يا رسول الله؛ فكيف نصنع بأيماننا التي حلفنا عليها؟ وكانوا حلفوا على ما عليه اتفقوا؛ فأنزل الله - عز وجل - قوله (تعالى): لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم ولا تعارض بين الخبرين؛ لإمكان الجمع بأن يكون الرجل لما سمع تذكير النبي - صلى الله عليه وسلم - سأل؛ ولو لم يجمع صح أن يكون كل منهما سببا؛ فالشيء الواحد قد يكون له أسباب جمة؛ بعضها أقرب من بعض؛ فمن الأحاديث الواردة في ذلك ما روى
nindex.php?page=showalam&ids=13889البغوي بسنده؛ من طريق
ابن المبارك؛ في كتاب الزهد؛ عن
سعد بن مسعود؛ أن nindex.php?page=showalam&ids=5559عثمان بن مظعون - رضي اللـه عنه - أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: ائذن لنا في الاختصاء؛ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ليس منا من خصى؛ ولا اختصى؛ إن خصاء أمتي الصيام"؛ فقال: يا رسول الله؛ ائذن لنا في السياحة؛ فقال: "إن سياحة أمتي الجهاد في سبيل الله"؛ فقال: يا رسول الله؛ ائذن لنا في الترهب؛ فقال: "إن ترهب أمتي الجلوس في المساجد انتظارا لصلاة"؛ [ ص: 278 ] وللشيخين؛
nindex.php?page=showalam&ids=13948والترمذي؛ nindex.php?page=showalam&ids=15397والنسائي؛ nindex.php?page=showalam&ids=14274والدارمي؛ عن
nindex.php?page=showalam&ids=37سعد بن أبي وقاص - رضي اللـه عنه - أيضا قال:
nindex.php?page=hadith&LINKID=659496أراد nindex.php?page=showalam&ids=5559عثمان بن مظعون أن يتبتل؛ فنهاه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ ولو أذن له - وفي رواية: ولو أجاز له - التبتل اختصينا؛ nindex.php?page=showalam&ids=14274وللدارمي؛ nindex.php?page=hadith&LINKID=710877عن nindex.php?page=showalam&ids=37سعد بن أبي وقاص - رضي اللـه عنه - أيضا قال: لما كان من أمر nindex.php?page=showalam&ids=5559عثمان بن مظعون - رضي اللـه عنه - الذي كان؛ من ترك النساء؛ بعث إليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: "يا nindex.php?page=showalam&ids=7عثمان؛ إني لم أومر بالرهبانية؛ أرغبت عن سنتي؟"؛ قال: لا يا رسول الله؛ قال: "إن من سنتي أن أصلي؛ وأنام؛ وأصوم؛ وأطعم؛ وأنكح؛ وأطلق؛ فمن رغب عن سنتي فليس مني؛ يا nindex.php?page=showalam&ids=7عثمان؛ إن لأهلك عليك حقا؛ ولعينك عليك حقا"؛ قال nindex.php?page=showalam&ids=37سعد: فوالله لقد كان أجمع رجال من المؤمنين على أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إن هو أقر nindex.php?page=showalam&ids=7عثمان على ما هو عليه أن نختصي فنتبتل؛ وقال شيخنا
ابن حجر؛ في تخريج أحاديث الكشاف: وروى
nindex.php?page=showalam&ids=14687الطبراني من طريق
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج؛ عن
nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد قال: أراد رجال؛ منهم
nindex.php?page=showalam&ids=5559عثمان بن مظعون؛ nindex.php?page=showalam&ids=13وعبد الله بن عمرو؛ أن يتبتلوا؛ ويخصوا أنفسهم؛ ويلبسوا المسوح؛ ومن طريق
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج عن
nindex.php?page=showalam&ids=16584عكرمة: أن nindex.php?page=showalam&ids=5559عثمان بن مظعون؛ nindex.php?page=showalam&ids=8وعلي [ ص: 279 ] ابن أبي طالب؛ nindex.php?page=showalam&ids=10وابن مسعود؛ والمقداد بن الأسود؛ nindex.php?page=showalam&ids=267وسالما؛ مولى أبي حذيفة في جماعة - رضي اللـه عنهم -؛ تبتلوا؛ فجلسوا في البيوت؛ واعتزلوا النساء؛ ولبسوا المسوح؛ وحرموا طيبات الطعام؛ واللباس؛ وهموا بالاختصاء؛ وأجمعوا لقيام الليل؛ وصيام النهار؛ فنزلت: يا أيها الذين آمنوا لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم ؛ الآية؛ فبعث إليهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: "إن لأنفسكم عليكم حقا؛ فصوموا وأفطروا؛ وصلوا وناموا؛ فليس منا من ترك سنتنا"؛ nindex.php?page=showalam&ids=13948وللترمذي عن
nindex.php?page=showalam&ids=24سمرة - رضي اللـه عنه -
nindex.php?page=hadith&LINKID=704925أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن التبتل؛ وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة: ولقد أرسلنا رسلا من قبلك وجعلنا لهم أزواجا وذرية nindex.php?page=showalam&ids=15397وللنسائي عن
nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة - رضي الله عنها - نحوه؛ وأشار إليه
nindex.php?page=showalam&ids=13948الترمذي ؛
nindex.php?page=showalam&ids=14687وللطبراني في الأوسط؛ عن
nindex.php?page=showalam&ids=9أنس بن مالك - رضي اللـه عنه - قال:
nindex.php?page=hadith&LINKID=16753كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يأمر بالباءة؛ وينهى عن التبتل نهيا شديدا؛ يقول: "تزوجوا الودود الولود؛ فإني مكاثر بكم الأمم يوم القيامة"؛ ومنها ما روى الشيخان؛ عن
عبد الله [ ص: 280 ] - رضي اللـه عنه - أنه قال:
nindex.php?page=hadith&LINKID=654686 "كنا نغزو مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وليس لنا شيء - وفي رواية: نساء؛ وفي رواية: كنا ونحن شباب - فقلنا: يا رسول الله؛ ألا نستخصي؟ فنهانا عن ذلك؛ ثم رخص لنا أن ننكح المرأة بالثوب؛ ثم قرأ علينا عبد الله: يا أيها الذين آمنوا لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم الآية.
ومنها ما روى
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري ؛ وغيره؛
nindex.php?page=hadith&LINKID=669424عن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة - رضي اللـه عنه - قال: قلت: يا رسول الله؛ إني رجل شاب؛ وإني أخاف على نفسي العنت؛ ولا أجد ما أتزوج به النساء - قال nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي : أفاختصي؟ - فسكت عني؛ ثم قلت مثل ذلك؛ فسكت عني؛ ثم قلت مثل ذلك؛ فسكت عني؛ ثم قلت مثل ذلك؛ فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "يا nindex.php?page=showalam&ids=3أبا هريرة؛ جف القلم بما أنت لاق؛ فاختص على ذلك؛ أو ذر"؛ وقال nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي : "أو دع"؛ ومنها ما روى الشيخان؛ وغيرهما؛ عن
nindex.php?page=showalam&ids=9أنس بن مالك - رضي اللـه عنه - قال:
nindex.php?page=hadith&LINKID=654675 "جاء ثلاثة رهط إلى بيوت أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - ورضي الله عنهن - يسألون عن عبادة النبي - صلى الله عليه وسلم - وفي رواية nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم nindex.php?page=showalam&ids=15397والنسائي أن نفرا من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - سألوا أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - عن عمله [ ص: 281 ] في السر - فلما أخبروا كأنهم تقالوها؛ فقالوا: وأين نحن من النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ قد غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر؛ فقال أحدهم: أما أنا فإني أصلي الليل أبدا؛ وقال آخر: أنا أصوم الدهر؛ ولا أفطر؛ وقال آخر: وأنا أعتزل النساء؛ فلا أتزوج أبدا; وفي رواية: وقال بعضهم لا آكل اللحم؛ وقال بعضهم: لا أنام على فراش; فبلغ ذلك النبي - صلى الله عليه وسلم - فحمد الله؛ وأثنى عليه؛ وقال: "ما بال أقوام كذا وكذا؟"؛ وفي رواية: فجاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إليهم؛ فقال: "أنتم الذين قلتم كذا وكذا؟ أما والله إني لأخشاكم لله؛ وأتقاكم له؛ لكني أصوم وأفطر؛ وأصلي وأرقد؛ وأتزوج النساء؛ فمن رغب عن سنتي فليس مني"؛ والمبهمون في الحديث - قال شيخنا في مقدمة شرحه
nindex.php?page=showalam&ids=12070للبخاري - هم
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود nindex.php?page=showalam&ids=3وأبو هريرة؛ nindex.php?page=showalam&ids=5559وعثمان بن مظعون؛ وسيأتي مفرقا ما يشير إلى ذلك؛ يعني ما قدمته أنا؛ قال: وقيل: هم
nindex.php?page=showalam&ids=37سعد بن أبي وقاص؛ nindex.php?page=showalam&ids=5559وعثمان بن مظعون؛ nindex.php?page=showalam&ids=8وعلي بن أبي طالب؛ وفي مصنف
nindex.php?page=showalam&ids=16360عبد الرزاق؛ من طريق
nindex.php?page=showalam&ids=15990سعيد بن المسيب؛ أن منهم
nindex.php?page=showalam&ids=8عليا؛ nindex.php?page=showalam&ids=13وعبد الله بن عمرو بن العاص - رضي الله عنهم -؛ وقال شيخنا في تخريج أحاديث الكشاف: إن هذا أصل ما رواه
nindex.php?page=showalam&ids=15466الواحدي عن المفسرين؛ وللشيخين؛
nindex.php?page=showalam&ids=13948والترمذي؛ عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة - رضي اللـه عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال:
nindex.php?page=hadith&LINKID=914169 "ما نهيتكم عنه فاجتنبوه؛ وما أمرتكم به فافعلوا منه ما استطعتم؛ فإنما [ ص: 282 ] أهلك الذين من قبلكم كثرة سؤالهم؛ واختلافهم على أنبيائهم"؛ وفي رواية:
nindex.php?page=hadith&LINKID=687908 "ذروني ما تركتكم؛ فإنما أهلك من كان قبلكم بكثرة سؤالهم؛ واختلافهم على أنبيائهم"؛ nindex.php?page=showalam&ids=11998ولأبي داود عن
nindex.php?page=showalam&ids=9أنس - رضي اللـه عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:
nindex.php?page=hadith&LINKID=939037 "لا تشددوا على أنفسكم فيشدد الله عليكم"؛ وللإمام
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد في المسند؛ عن
nindex.php?page=showalam&ids=9أنس - رضي اللـه عنه - والحاكم في علوم الحديث؛ في فن الغريب - وهذا لفظه - عن
nindex.php?page=showalam&ids=36جابر بن عبد الله - رضي اللـه عنهما - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:
"إن هذا الدين متين؛ فأوغل فيه برفق؛ ولا تبغض عبادة الله إليك؛ فإن المنبت لا أرضا قطع؛ ولا ظهرا أبقى"؛ المتين: الصلب الشديد؛ والإيغال: المبالغة؛ والمنبت - بنون وموحدة وفوقانية مشددة هو الذي انقطع ظهره؛ وروى
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة - رضي اللـه عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:
nindex.php?page=hadith&LINKID=650038 "إن الدين يسر؛ ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه؛ فسددوا؛ وقاربوا؛ وأبشروا"; وفي بعض الروايات:
nindex.php?page=hadith&LINKID=655982 "والقصد القصد تبلغوا"؛ nindex.php?page=showalam&ids=17080ولمسلم؛ nindex.php?page=showalam&ids=13478وابن ماجة - وهذا لفظه -
nindex.php?page=hadith&LINKID=680742عن حنظلة الكاتب التميمي الأسيدي - رضي اللـه عنه - قال: كنا [ ص: 283 ] عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فذكرنا الجنة والنار حتى كانا رأي العين؛ فقمت إلى أهلي وولدي؛ فضحكت ولعبت؛ قال: فذكرت الذي كنا فيه؛ فخرجت فلقيت nindex.php?page=showalam&ids=1أبا بكر - رضي اللـه عنه - فقلت: نافقت نافقت؛ فقال nindex.php?page=showalam&ids=1أبو بكر: إنا لنفعله؛ فذهب nindex.php?page=showalam&ids=15776حنظلة فذكره للنبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: "يا nindex.php?page=showalam&ids=15776حنظلة؛ لو كنتم كما تكونون عندي لصافحتكم الملائكة على فرشكم؛ أو على طرقكم؛ يا nindex.php?page=showalam&ids=15776حنظلة! ساعة؛ وساعة"؛ ولفظ
nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم من طرق جمعت متفرقها
nindex.php?page=hadith&LINKID=661945عن nindex.php?page=showalam&ids=15776حنظلة - وكان من كتاب النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: لقيني nindex.php?page=showalam&ids=1أبو بكر - رضي اللـه عنه - فقال: كيف أنت يا nindex.php?page=showalam&ids=15776حنظلة؟ قلت: نافق nindex.php?page=showalam&ids=15776حنظلة؛ قال: سبحان الله؛ ما تقول؟ قلت: نكون عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يذكرنا بالنار والجنة؛ كانا رأي عين؛ فإذا خرجنا من عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عافسنا الأزواج؛ والأولاد؛ والضيعات؛ نسينا كثيرا؛ قال nindex.php?page=showalam&ids=1أبو بكر - رضي الله عنه -: فوالله إنا لنلقى مثل هذا؛ فانطلقت أنا nindex.php?page=showalam&ids=1وأبو بكر؛ حتى دخلنا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ قلت: نافق nindex.php?page=showalam&ids=15776حنظلة يا رسول الله؛ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "وما ذاك؟"؛ قلت: يا رسول الله؛ نكون عندك؛ تذكرنا بالنار؛ والجنة؛ كانا رأي [ ص: 284 ] عين؛ فإذا خرجنا من عندك عافسنا الأزواج؛ والأولاد؛ والضيعات؛ نسينا كثيرا؛ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "والذي نفسي بيده؛ أن لو تدومون على ما تكونون عندي؛ وفي الذكر؛ لصافحتكم الملائكة على فرشكم؛ وفي طرقكم؛ ولكن يا nindex.php?page=showalam&ids=15776حنظلة ساعة؛ وساعة؛ وساعة - ثلاث مرات"؛ وفي رواية: قال:
nindex.php?page=hadith&LINKID=661946كنا عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فوعظنا فذكرنا النار - وفي رواية: الجنة والنار - ثم جئت إلى البيت فضاحكت الصبيان؛ ولاعبت المرأة؛ فخرجت فلقيت nindex.php?page=showalam&ids=1أبا بكر؛ فذكرت ذلك له؛ فقال: وأنا قد فعلت مثل ما تذكر؛ فلقينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ فقلت: يا رسول الله؛ نافق حنظلة؛ فقال: "مه؟"؛ فحدثته بالحديث؛ فقال nindex.php?page=showalam&ids=1أبو بكر: وأنا قد فعلت مثلما فعل؛ فقال: "يا nindex.php?page=showalam&ids=15776حنظلة؛ ساعة؛ وساعة؛ فلو كانت تكون قلوبكم كما تكون عند الذكر لصافحتكم الملائكة حتى تسلم عليكم في الطرق".
ومن هنا تبين لك مناسبة أول "المجادلة"؛ لآخر "الحديد"؛ التي كاع في معرفتها الأفاضل؛ وكع عن تطلبها – لغموضها - الأكابر؛ الأماثل؛ وسيأتي إن شاء الله (تعالى) بيان ذلك؛ وإيضاح ما فيه من لطيف المسالك؛ ومن هذه الآية وقع الالتفات؛ إلى قوله (تعالى):
أحلت لكم بهيمة الأنعام ؛ وقوله (تعالى):
قل أحل لكم الطيبات ؛ وما أحسن تصديرها
[ ص: 285 ] بـ "يا أيها الذين آمنوا"! كما صدر أول السورة به؛ وقد مضى بيان جميع ما مضى في الوفاء بالعقود؛ فكان كأنه (تعالى) قال: أوفوا بالعقود؛ فلا تتهاونوا بها فتنقضوها؛ ولا تبالغوا فيها فتكونوا معتدين؛ فتضعفوا؛ فإنه لن يشاد الدين أحد إلا غلبه؛ بل سددوا؛ وقاربوا؛ والقصد القصد تبلغوا؛ وقال
ابن الزبير؛ بعد قوله:
ومن الذين قالوا إنا نصارى أخذنا ميثاقهم ؛ ثم فصل للمؤمنين أفعال الفريقين - أي: اليهود والنصارى - ليتبين لهم فيم نقضوا؛ ثم بين تفاوتهم في البعد عن الاستجابة؛ فقال (تعالى):
لتجدن أشد الناس عداوة ؛ ثم نصح عباده؛ وبين لهم أبوابا؛ منها دخول الامتحان؛ وهي سبب في كل الابتلاء؛ فقال:
لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم ولا تعتدوا ؛ فإنكم إن فعلتم ذلك كنتم شارعين لأنفسكم؛ وظالمين؛ انتهى. و
ما أحل ؛ شامل لكل ما كانوا أرادوا أن يتورعوا عنه من المآكل؛ والملابس؛ والمناكح؛ والنوم؛ وغير ذلك.