ولما كان إعراضهم عن النظر سببا لتكذيبهم ، وهو سبب لتعذيبهم قال :
فقد كذبوا أي : أوقعوا تكذيب الصادق
بالحق أي : بسبب الأمر الثابت الكامل في الثبات كله . لأن الآيات كلها متساوية في الدلالة على ما تدل عليه الواحدة منها
لما جاءهم أي : لم يتأخروا عند المجيء أصلا لنظر ولا لغيره ، وذلك أدل ما يكون على العناد .
ولما كان الإعراض عن الشيء هكذا فعل المكذب المستهزئ الذي بلغ بتكذيبه الغاية القصوى ، وهي الاستهزاء ، قال :
فسوف يأتيهم أي : بوعد صادق لا خلف فيه عند نزول العذاب بهم وإن تأخر إتيانه
أنباء ما كانوا أي : جبلة وطبعا
به يستهزئون أي : يجددون الهزء به بغاية الرغبة في طلبه ، وهو أبعد شيء عن الهزء ، والنبأ : الخبر العظيم ، وهو الذي يكون معه الجزاء ، وأفاد تقديم الظرف أنهم لم يكونوا يهزؤون بغير الحق الكامل - كما ترى كثيرا من المترفين لا يعجب من العجب ويعجب من غير العجب ، أو أنه عد استهزاءهم بغيره بالنسبة إلى الاستهزاء به عدما .