ولما قطع الرجاء لهداية من حكم بشقاوته ، وكان طلبهم لإنزال الملك ونحوه إنما هو على سبيل التعنت والاستهزاء ، وكان ذلك يشق على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والمؤمنين - رضي الله عنهم - غاية المشقة - التفتت النفس إلى الإراحة منهم وتوقعته لما تقدم من مظاهر العظمة ، فأخبره أنه فاعل ذلك في سياق متكفل بتسليته ، وأن ذلك لم يزل سنته فيمن فعل فعلهم ، فقال - عاطفا على قوله
فسوف يأتيهم أنباء - :
ولقد أي : هذا منهم إنما هو استهزاء بك
ولقد استهزئ أي : أوقع الهزء وأوجد من الأمم ، وبني للمفعول لأن المنكي الاستهزاء ، لا كونه من معين ، وإشارة إلى أنه كان يقع لهم ذلك من الأعلى والأدنى
برسل
ولما كان القرب في الزمن في مثل هذا مما يسلي ، وكان كل من الاستهزاء والإرسال لم يستغرق الزمن ، أدخل الجار فقال :
من قبلك فأهلكنا من هزأ بهم ، وهو معنى
فحاق أي : فأحاط
[ ص: 29 ] بالذين سخروا منهم أي : من أولئك الرسل
ما كانوا به يستهزئون أي : من العذاب الذي كانوا يتوعدون به ، وكان سببا لهزئهم .