[ ص: 132 ] ولما كان محط حالهم في السؤال طرد الضعفاء قصد اتباع أهوائهم ، أمره تعالى بأن يخبرهم أنه مباين لهم - لما بين له بالبيان الواضح من سوء عاقبة سبيلهم - مباينة لا يمكن معها اتباع أهوائهم ، وهي المباينة في الدين ، فقال :
قل إني نهيت أي : ممن له الأمر كله
أن أعبد الذين تدعون أي : تعبدون بناء منكم على محض الهوى والتقليد في أعظم أصول الدين ، و[حقر أمرهم و] بين سفول رتبتهم بقوله :
من دون الله أي : الذي لا أعظم منه ، فقد وقعتم في ترك الأعظم ولزوم الدون الذي هو دونكم في أعظم الجهل المؤذن بعمى القلب مع الكفر بالمحسن ، فمباينتي مبناها على المقاطعة ، فكيف تطمع في متابعة ! ثم أكد ذلك بأمر آخر دال على أنه لا شبهة لهم في عبادتهم ، فقال :
قل لا أتبع أهواءكم أي : عوضا عما أنا عليه من الحكمة البالغة المؤيدة بالبراهين الساطعة والأدلة القاطعة .
ولما كان من المعلوم أن
الهوى لا يدعو إلى هدى ، بل إلى غاية الردى - حقق ما أفهمته هذه الجملة بقوله :
قد ضللت إذا أي : إذا اتبعت أهواءكم; ولما كان الضال قد يرجع - بين أن هذا ليس كذلك ، لعراقتهم في الضلال ، فقال معبرا بالجملة الاسمية الدالة على الثبات :
[ ص: 133 ] وما أنا أي : إذ ذاك على شيء من الهداية لأعد
من المهتدين