ولما كان من مفاتح الغيب الموت والبعث الذي ينكرونه ، وكان من أدلته العظيمة النوم والإيقاظ منه مع ما فيه من الإحسان المتكرر ، وكان فيه مع ذلك تقرير لكمال القدرة بعد تقريره لكمال العلم ، أتبع ذلك قوله :
وهو أي : وحده
الذي يتوفاكم أي : يقبض أرواحكم كاملة بحيث لا يبقى عندكم شعور أصلا ، فيمنعكم التصرف بالنوم كما يمنعكم بالموت ، وذكر الأصل في ذلك فقال :
بالليل ويعلم أي : والحال أنه يعلم
ما جرحتم أي : كسبتم
بالنهار أي : الذي
[ ص: 138 ] تعقبه النوم ، من الذنوب الموجبة للإهلاك ، ويعاملكم فيها بالحلم بعد العلم ولا يعجل عليكم ، وهو معنى
ثم يبعثكم أي : يوقظكم بعد ذلك النوم المستغرق ، فيصرفكم فيما يشاء
فيه أي : في النهار الذي تعقب ذلك النوم بعد استحقاقكم للانتقام
ليقضى أي : يتم
أجل مسمى كتبه للموتة الكبرى .
ولما تمهد بهذا النشر بعد ذاك الطي في الموتة الصغرى القدرة على مثل ذلك في الموتة الكبرى ، وكان فيه تقريب عظيم له قال :
ثم يبعثكم من تلك الموتة كما بعثكم من هذه ، ويكون
إليه أي : وحده
مرجعكم أي : حسا بالحشر إلى دار الجزاء ، ومعنى بانقطاع الأسباب على ما عهد في الدنيا
ثم بعد تلك المواقف الطوال والزلازل والأهوال ، ويمكن أن تشير أداة التراخي إلى عظمة العلم بذلك ، وإليه يرشد أكثر ما قبله من السياق
ينبئكم أي : يخبركم إخبارا عظيما جليلا مستقصى
بما كنتم تعملون أي : فيجازيكم عليه ، ولعلمه عبر بالعمل لأن الحساب يكون على المكلفين الذين لهم أهلية العلم ، فتقرر - مع كمال قدرته - سبحانه - على اختراع هذه الأشياء والعلم بها - استقلاله بحفظها في كل حال وتدبيرها على
[ ص: 139 ] أحسن وجه .