ولما أشار - سبحانه - إلى قوته بالجنود التي تفوت الحصر - وإن كان عنهم غنيا بصفة القهر - نبه بصيغة المجهول إلى استحضار عظمته وشامل جبروته وقدرته ، فقال :
ثم أي : بعد حبسهم في قيد البرزخ
ردوا أي : ردهم راد منه لا يستطيعون دفاعه أصلا
إلى الله أي : الذي لا تحد عظمته ولا تعد جنوده وخدمته
مولاهم أي : مبدعهم ومدبر أمورهم كلها
الحق أي : الثابت الولاية ، وكل ولاية غير ولايته من الحفظة وغيرهم عدم ؛ لأن الحفظة لا يعلمون إلا ما ظهر لهم ، وهو - سبحانه - يعلم السر وأخفى .
ولما استحضر المخاطب عزته وقهره ، وتصور جبروته وكبره ، فتأهل قلبه وسمعه لما يلقى إليه ويتلى عليه - قال :
ألا له أي : وحده حقا
الحكم ولما كان الانفراد بالحكم بين جميع الخلق أمرا يحير الفكر ، ولا يكاد يدخل تحت الوهم ، قال محقرا في جنب قدرته :
[ ص: 141 ] وهو أي : وحده
أسرع الحاسبين يفصل بين الخلائق كلهم في أسرع من اللمح كما أنه يقسم أرزاقهم في الدنيا في مثل ذلك ، لا يقدر أحد أن ينفك عن عقابه بمطاولة في الحساب ولا مغالطة في ثواب ولا عقاب ؛ لأنه - سبحانه - لا يحتاج إلى فكر وروية ولا عقد ولا كتابة ، فلا يشغله حساب عن حساب ولا شيء عن شيء .