ولما تعرف بأفعاله وشؤونه حتى اتضحت وحدانيته وثبتت فردانيته - ذكرهم أحوالهم في إقرار توحيده وقت الشدائد والرجوع عن ذلك عند الإنجاء منها ، فكانوا كمن طلب من شخص شيئا وأكد له الميثاق على الشكر ، فلما أحسن إليه بإعطائه سؤله نقض عهده وبالغ في الكفر ، وذلك عندهم في غاية من القبائح لا توصف فقال :
قل أي : لهؤلاء الذين يدعون محاسن الأعمال
من ينجيكم أي : كثيرا وعظيما
من ظلمات البر والبحر أي : حيث لا هداية لكم بنجم ولا جبل ولا غيرهما ، أو عبر بالظلمات عن الكروب التي بلغت شدتها إلى أن صاحبها يكون كأنه في أشد ظلام ، فهو بحيث إنه لا يهتدي فيها إلى وجه حيلة بنوع وسيلة
تدعونه أي : على وجه الإخلاص له والتوحيد والإعراض عن كل شرك وشريك لزوال الحظوظ عند إحاطة الرعب
[ ص: 142 ] واستيلائه على مجامع القلب ، فلا يبقى إلا الفطرة السليمة ; قال الإمام
nindex.php?page=showalam&ids=16308عبد الحق الإشبيلي في كتابه : ( الواعي ) :
تضرعا أي : مظهرين الضراعة ، وهي شدة الفقر ، وحقيقته الخشوع " و " قوله : " خفية " أي : تخفون في أنفسكم مثل ما تظهرون; قال شمر : يقال : ضرع له وهو ضارع بين الضراعة ، وهؤلاء قوم ضرع ، أي : أذلاء ، وهم ضرعة أي : متضرعون ،
والتضرع إلى الله : التخشع إليه والتذلل ، وإذا كان الرجل مختل الجسم قلت : إنه لضارع الجسم بين الضروع ، وفي الذل بين الضراعة . انتهى .
ولما بين وصفهم وقت الدعاء ، بين قولهم إذ ذاك فقال :
لئن أنجانا من هذه فأكدوا وخصوا وبينوا غاية البيان
لنكونن من الشاكرين أي : العريقين في الشكر ;