ثم وصل بذلك دلالة على أنه لا علم لهم أصلا ليخبروا عما سئلوا عنه قوله مستأنفا :
الذين آمنوا أي : أوجدوا هذا الفعل
ولم أي : وصدقوا دعواهم بأنهم لم
يلبسوا إيمانهم أي : يخالطوه ويشوبوه
بظلم
ولما كان المعنى : أحق بالأمن ، عدل عنه إلى قوله مشيرا إليهم بأداة البعد تنبيها على علو رتبتهم :
أولئك لهم أي : خاصة
الأمن أي : لما تقدم من وصفهم
وهم مهتدون أي : وأنتم ضالون ، فأنتم هالكون لإشرافكم على المهالك ( وتفسير النبي - صلى الله عليه وسلم - فيما أخرج الشيخان
nindex.php?page=showalam&ids=13948والترمذي nindex.php?page=showalam&ids=15397والنسائي عن
nindex.php?page=showalam&ids=10عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - لهذا الظلم المطلق في قوله تعالى :
بظلم بالشرك ) الذي هو ظلم موصوف بالعظم في قوله تعالى :
إن الشرك لظلم عظيم تنبيه للصحابة - رضوان الله عليهم - على أن هذا التنوين للتعظيم ، ولأنهم أهل اللسان المطبوعون فيه صفوا بذلك واطمأنوا إليه ، ولا شك أن السياق كله في التنفير عن الشرك ، وأنه دال على الحث على التبرئ
[ ص: 168 ] عن قليل الشرك وكثيره ، فآل الأمر إلى أن المراد : ولم يلبسوا إيمانهم بشيء من الشرك ، فالتنوين حينئذ للتحقير كما هو للتعظيم ، فهو من استعمال الشيء في حقيقته ومجازه أو في معنيه المشترك فيهما لفظه معا - والله أعلم .