ولما كان المراد بسوقهم هكذا - والله أعلم - أن كلا منهم بادر بعد الهداية إلى الدعاء إلى الله والغيرة على جلاله من الإشراك ، لم يشغل
[ ص: 183 ] أحدا منهم عن ذلك سراء ولا ضراء بملك ولا غيره من ملك أو غيره بل لازموا الهدى والدعاء إليه على كل حال - قال مستأنفا لتكرار أمداحهم بما يحمل على التحلي بأوصافهم ، مؤكدا لإثبات الرسالة :
أولئك أي : العالو المراتب
الذين هدى الله أي : الملك الحائز لرتب الكمال ، الهدى الكامل ؛ ولذلك سبب عن مدحهم قوله :
فبهداهم أي : خاصة في واجبات الإرسال وغيرها
اقتده وأشار بهاء السكت التي هي أمارة الوقوف - وهي ثابتة في جميع المصاحف - إلى أن الاقتداء بهم كان غير محتاج إلى شيء ; ثم فسر الهدى بمعظم أسبابه فقال :
قل أي : لمن تدعوهم كما كانوا يقولون مما ينفي التهمة ويمحص النصيحة فيوجب الاتباع إلا من شقي
لا أسألكم أي : أيها المدعوون
عليه أي : على الدعاء
أجرا فإن الدواعي تتوفر بسبب ذلك على الإقبال إلى الداعي والاستجابة للمرشد ; ثم استأنف قوله :
إن أي : ما
هو أي : هذا الدعاء الذي أدعوكم به
إلا ذكرى أي : تذكير بليغ من كل ما يحتاج إليه في المعاش والمعاد
للعالمين أي : الجن والإنس والملائكة دائما ، لا ينقضي دعاؤه ولا ينقطع نداؤه ، وفي التعبير بالاقتداء إيماء إلى تبكيت كفار
العرب حيث اقتدوا بمن لا يصلح للقدوة من آبائهم ، وتركوا من يجب الاقتداء به .